ومن شرط المنكر الذي ينكره المحتسب أن يكون ظاهرا. فكل من ستر معصية في داره وأغلق بابه لا يجوز له أن يتجسس عليه إلا أن يكون ذلك في انتهاك حرمة يفوت استداركها، مثل أن يخبره من يثق بصدقة أن رجلا خلا برجل ليقتله أو بامرأة ليزني بها...
حكى أن عمر بن الخطاب دخل على قوم يتعاقرون على شراب ويوقدون في الأخصاص فقال: نهيتكم عن المعاقرة فعاقرتم، ونهيتكم عن الإيقاد في الأخصاص فأوقدتم. فقالوا: نهاك الله عن التجسس فتجسست، وعن الدخول بغير إذن فدخلت.
فقال: هاتين بهاتين، وانصرف ولم يتعرض لهم.
فإن سمع المحتسب أصوات ملاه منكرة من دار تظاهر أهلها بأصواتها أنكرها خارج الدار ولم يهجم عليها بالدخول، لأن المنكر ظاهر وليس له أن يكشف عما سواه. " (1) أقول: عاقر الشيء: لازمه وأدمن عليه. والخص بالضم: حانوت الخمار.
13 - وذكر في الباب الرابع، الحسبة على أهل الذمة فقال ما ملخصه:
" اعلم أن التساهل مع أهل الذمة في أمور الدين خطر عظيم، وقد قال الله - سبحانه و تعالى - في كتابه العزيز: " يا أيها الذين آمنوا، لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة، وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم، ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل. " وقد ورد في الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: " لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع بها إلا مسلما. "...
وهذا أصل يعتمد عليه في ترك الاستعانة بالكافر، فكيف استعمالهم على رقاب المسلمين؟ فحينئذ يجب على المحتسب النظر في أهل الذمة وأن يلزمهم بما هو مشروط عليهم وبما التزموه على أنفسهم ولا يرخص لهم في ترك شيء منه قولا ولا فعلا...
ويمنعون من احداث بيع وكنائس في دار الإسلام وقد أمر عمر بهدم كل كنيسة