أحدها: ما تعلق بالعبادات. والثاني ما تعلق بالمحظورات. والثالث: ما تعلق بالمعاملات.
فأما المتعلق بالعبادات فكالقاصد مخالفة هيئات الصلاة... فللمحتسب إنكارها و تأديب العامل فيها وكذلك إذا أخل بتطهير جسده أو ثوبه أو موضع صلاته أنكر عليه إذا تحقق ذلك منه، ولا يؤاخذه بالتهم والظنون... لكن يجوز له بالتهم أن يعظ ويحذر من عذاب الله - تعالى - على إسقاط حقوقه والإخلال بمفروضاته. فإن رآه يأكل في شهر رمضان لم يقدم على تأديبه إلا بعد سؤاله عن سبب أكله إذا التبست عليه أحواله فربما كان مريضا أو مسافرا، ويلزمه السؤال إذا ظهرت أمارات الريب، فإن ذكر في الأعذار ما يحمل حاله صدقه وكف عن زجره وأمره بإخفاء أكله لئلا يعرض نفسه لتهمة، ولا يلزمه إحلافه عند الاسترابة بقوله لأنه موكول إلى أمانته، وإن لم يكن له عذر جاهر بالإنكار عليه وردعه وأدبه عليه تأديب زجر... (1) 9 - فإن رأى المحتسب رجلا يتعرض لمسألة الناس وطلب الصدقة وعلم أنه غني إما بمال أو عمل أنكره عليه وأدبه فيه وكان المحتسب أخص بالإنكار من غيره فقد فعل عمر مثل ذلك في قوم من أله الصدقة... (2) 10 - وهكذا لو ابتدع بعض المنتسبين إلى العلم قولا خرق الإجماع وخالف فيه النص ورد قوله علماء عصره أنكر عليه وزجره عنه، فإن أقلع وتاب وإلا فالسلطان بتهذيب الدين أحق.
وإذا تعرض بعض المفسرين لكتاب الله - تعالى - بتأويل عدل فيه عن ظاهر التنزيل إلى باطن بدعة يتكلف له إغماض (أغمض خ. ل) معانيه أو انفرد بعض الرواة بأحاديث مناكير تنفر منها النفوس أو يفسد بها التأويل كان على المحتسب إنكار ذلك والمنع منه، و هذا إنما يصح منه إنكاره إذا تميز عنده الصحيح من الفاسد والحق من الباطل...