أقول: ما ذكره من قوله: " ويدخل فيه آحاد الرعايا... " يريد به لا محالة من يتصدى للحسبة تطوعا، فلا يناقص ما قبله. وأما ما ذكره من مباشرة أئمة الصدر الأول لأمر الحسبة فأمر يظهر لكل من راجع الأخبار والتواريخ، وسيأتي ذكر بعض مواردها.
5 - وفي التراتيب الإدارية للكتاني عن التيسير لابن سعيد:
" اعلم أن الحسبة من أعظم الخطط الدينية، فلعموم مصلحتها وعظيم منفعتها تولى أمرها الخلفاء الراشدون، لم يكلوا أمرها إلى غيرهم مع ما كانوا فيه من شغل الجهاد و تجهيز الجيوش للمكافحة والجلاد. " (1) 6 - وفيه أيضا عن كشف الظنون:
" علم الاحتساب علم باحث عن الأمور الجارية بين أهل البلد من معاملاتهم اللاتي لا يتم التمدن بدونها من حيث إجرائها على القانون المعدل بحيث يتم التراضي بين المتعاملين، وعن سياسة العباد بنهي المنكر وأمر بالمعروف بحيث لا يؤدي إلى مشاجرات وتفاخر بين العباد بحيث ما رآه الخليفة من الزجر والمنع. ومباديه بعضها فقهي وبعضها أمور استحسانية ناشئة من رأي الخليفة. والغرض منه تحصيل الملكة في تلك الأمور. وفائدته إجراء أمور المدن في المجاري على الوجه الأتم.
وهذا أدق العلوم ولا يدركه إلا من له فهم ثاقب وحدس صائب، إذ الأشخاص و الأزمان والأحوال ليست على وتيرة واحدة، بل لابد لكل واحد من الأزمان والأحوال سياسة خاصة، وذلك من أصعب الأمور، فلذلك لا يليق بمنصبها إلا من له قوة قدسية مجردة عن الهوى. " (2) 7 - وقال القاضي أبو يعلى الفراء في الأحكام السلطانية في أحكام الحسبة:
" والحسبة هي أمر بالمعروف إذا ظهر تركه، ونهي عن المنكر إذا ظهر فعله. وهذا