أقول: وما ذكره صحيح، ولذا قال ابن حمزة في الوسيلة:
" والأمر بالمعروف يتبع المعروف في الوجوب والندب، والنهي عن المنكر يتبع المنكر فإن كان المنكر محظورا كان النهي عنه واجبا وإن كان مكروها كان النهي عنه مندوبا. " (1) وكيف كان: فلنتعرض في المقام لبعض الكلمات المتعرضة لوظائف المحتسب: ففي مقدمة ابن خلدون في فصل الخطط الدينية الخلافية:
" أما الحسبة فهي وظيفة دينية من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو فرض على القائم بأمور المسلمين، يعين لذلك من يراه أهلا له فيتعين فرضه عليه، ويتخذ الأعوان على ذلك، ويبحث عن المنكرات، ويعزر ويؤدب على قدرها، ويحمل الناس على المصالح العامة في المدينة مثل المنع من المضايقة في الطرقات ومنع الحمالين و أهل السفن من الإكثار في الحمل، والحكم على أهل المباني المتداعية للسقوط بهدمها، وإزالة ما يتوقع من ضررها على السابلة، والضرب على أيدي المعلمين في المكاتب و غيرها في الإبلاغ في ضربهم للصبيان المتعلمين. ولا يتوقف حكمه على تنازع أو استعداء، بل له النظر والحكم فيما يصل إلى علمه من ذلك ويرفع إليه، وليس له إمضاء الحكم في الدعاوى مطلقا بل فيما يتعلق بالغش والتدليس في المعايش وغيرها وفي المكاييل والموازين. وله أيضا حمل المماطلين على الإنصاف وأمثال ذلك مما ليس فيه سماع بينة ولا إنفاذ حكم.
وكأنها أحكام ينزه القاضي عنها لعمومها وسهولة أغراضها فتدفع إلى صاحب هذه الوظيفة ليقوم بها، فوضعها على ذلك أن تكون خادمة لمنصب القضاء. " (2) هذا.