وإن صح من كل مسلم، فالفرق بين المحتسب والمتطوع من تسعة أوجه:
أحدها: أن فرضه متعين على المحتسب بحكم الولاية، وفرضه على غيره داخل في فرض الكفاية.
الثاني: أن قيام المحتسب به من حقوق تصرفه الذي لا يجوز أن يتشاغل عنه بغيره، و قيام المتطوع به من النوافل الذي يجوز التشاغل عنه بغيره.
الثالث: أنه منصوب للاستعداء إليه فيما يجب، وليس المتطوع منصوبا للاستعداء.
الرابع: أن على المحتسب إجابة من استعدى به، وليس على المتطوع إجابته.
الخامس: أن عليه أن يبحث عن المنكرات الظاهرة، ليصل إلى انكارها. ويفحص عما ترك من المعروف الظاهر ليأمر بإقامته، وليس على غيره من المتطوعة بحث ولا فحص.
السادس: أن له أن يتخذ على الإنكار أعوانا، لأنه عمل هو له منصوب وإليه مندوب ليكون له أقهر وعليه أقدر، وليس لمتطوع أن يندب لذلك أعوانا.
السابع: له أن يعزر على المنكرات الظاهرة ولا يتجاوزها إلى الحدود، وليس للمتطوع أن يعزر على منكر.
الثامن: أن له أن يرتزق من بيت المال على حسبته، ولا يجوز لمتطوع أن يرتزق على إنكاره.
التاسع: أن له اجتهاد رأيه فيما تعلق بالعرف دون الشرع، كالمقاعد في الأسواق، و إخراج الأجنحة، فيقر وينكر من ذلك ما أداه اجتهاده إليه، وليس هذا للمتطوع.
فيكون الفرق بين والي الحسبة وإن كانت أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر، وبين غيره من المتطوعة، وإن جاز أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر من هذه الوجوه التسعة.
ومن شروط والي الحسبة أن يكون خبيرا عدلا ذا رأي وصرامة وخشونة في الدين، وعلم بالمنكرات الظاهرة. وهل يفتقر إلى أن يكون عالما من أهل الاجتهاد في أحكام الدين ليجتهد رأيه؟ يحتمل أن يكون من أهله، ويحتمل أن لا يكون ذلك