والعاقل الفطن إذا تأمل ذلك وما انضم اليه من الحكم وعجائب الصنع التي في كتاب الحيوان والنبات علم أن هذه الأفاعيل العجيبة والاعمال الغريبة لا يمكن صدورها عن قوه لا تصرف لها ولا ادراك بل لا بد وأن تكون صادره عن قوه مجرده عن المادة مدركه لذاتها ولغيرها ويسمى (1) تلك القوة المدبرة للأجسام النباتية عقلا وهو من الطبقة العرضية التي هي أرباب الأصنام والطلسمات.
فان قلت يجوز ان يكون تلك القوة الفاعلة لأبداننا والمدبرة لها هي نفوسنا الناطقة.
قلنا نحن (2) نعلم بالضرورة غفلتنا عن هذه التدابير العجيبة ونجدها لا خبر عندنا بأنها متى صارت الأغذية في الأعضاء المختلفة المتباينة ولا شعور لنا حين كمال عقلنا بأوان تميزها بالأخلاط وذهابها إلى الأعضاء المختلفة والأوضاع والجهات وصيرورتها مشكله بالاشكال المختلفة والتخاطيط العجيبة فضلا عن بدو فطرتنا وزمان جهلنا ونقصنا فالفاعل لهذه الأفعال غير نفوسنا وليست (3)