والطبقه الثانية وهم أهل النظر العقلي من العلماء والظاهريون من الحكماء الاسلاميين وهم ياولون تلك الآيات والأحاديث على وجه يطابق قوانينهم النظريه ومقدماتهم البحثيه حيث لم يرتق عقولهم عن طور البحث ولم يتعد بواطنهم واسرارهم إلى ما وراء طور العقل الفكري والعلم النظري.
والطبقه الثالثة وهم الحنابلة والمجسمة من أهل اللغة والحديث وهم الذين توقفت نفوسهم في طور هذا العالم ولم يرتقوا عن هذه الهاوية المظلمة فذهبوا إلى أن الههم جسم أو جسماني تعالى عما يقولون علوا كبيرا لكن الأليق بحال أكثر الخلق بل جمله المقتصرين في العلوم على الفروع الشرعية الطريقة الثالثة كما صرح به صاحب الاحياء في كتاب جواهر القرآن وذكر في كتاب الاحياء ما يدل على هذا المعنى حيث قال كن مشبها مطلقا أو منزها صرفا ومقدسا فحلا كما يقال كن يهوديا صرفا والا فلا تلعب بالتوراة وظاهر ان أكثر الناس لا يمكنهم ان يكونوا منزها صرفا ومقدسا فحلا فبقي ان يكونوا مشبها مطلقا والحق ان كلا من طريقي الغالي والمقصر اي الماول والمشبه انحراف عن الاعتدال الذي هو طريق الراسخين في العلم والعرفان فكل منهما ينظر في المظاهر بالعين العوراء لكن المجسمة باليسرى والماوله باليمنى واما الكامل الراسخ فهو ذو العينين السليمتين يعلم أن كل ممكن زوج تركيبي له وجهان وجه إلى نفسه ووجه إلى ربه كما مر ذكره فبالعين اليمنى ينظر إلى وجه الحق فيعلم انه الفايض على كل شئ والظاهر في كل شئ فيعود اليه كل خير وكمال وفضيله وجمال وبالعين اليسرى ينظر إلى الخلق ويعلم ان ليس لها حول ولا قوه الا بالله العلي العظيم ولا شان لها الا قابلية الشؤون والتجليات وهي في ذواتها اعدام ونقائص فينتهى إليها كل نقص وآفه وفتور ودثور قائلا لسان مقاله طبق لسان حاله في خلو ذات الممكن عن نعت الوجود شفيفها عن لون الكون وقبولها اشراق نور الحق عليها ونفوذ لون الوجود في ذاتها.