لاحد في أن كل شخص من الانسان له هوية واحده ونفس واحده منها تصدر جميع الأفعال المنسوبة إليه ومع ذلك لا شبهه أيضا لمن له تدرب في الصناعة ان الحاكم الحسى لا بد ان يكون من باب الحس والمحسوس والحاكم الخيالي لا بد ان يكون مرتبته مرتبه القوة الخيالية والحاكم العقلي العملي لا بد ان يكون مرتبته مرتبه المجرد ذاتا المتعلق نسبه واضافه إلى الصور الجزئية كما ذكرناه في باب الوهم (1) والموهومات انه عقل مضاف إلى الحس وكذا الحاكم العقلي النظري مرتبته مرتبه العقل المفارق المحض فثبت من هذا ان النفس تنتقل انتقالا جوهريا من طور إلى طور حسبما ادعيناه وكذا يستفاد من قوله فله حاجه إلى البدن لكن لا دائما من كل وجه بل قد يستغنى بذاته ان النفس جسمانية الحدوث روحانية البقاء مع أنه غير قائل بهذه الاستحالة الجوهرية فان حاجه النفس إلى البدن كما مر ليس كحاجة الصانع إلى الدكان في امر عارض له لا فيما يقوم وجوده بل حاجتها إليه في ابتداء الامر حاجه جوهري طبيعي لعدم استقلالها بالوجود دون البدن وقواه الحسية والطبيعية وقد مر أيضا ان نفسية النفس هي نحو وجودها لا اضافه عارضه لذاتها بعد تمام هويتها فإذا كان الحال كذلك ثم صارت عقلا بالفعل غير محتاجة إلى البدن خارجه من حد كونها عقلا بالقوة إلى حد كونها عقلا بالفعل صارت أحد سكان عالم العقل كالصور المعقولة التي هي بعينها عاقلة لذاتها وأين صوره البدن العنصري المادي والصورة التي هي بذاتها معقولة بالفعل سواءا عقلها غيرها أو لم يعقلها فهل ذلك الا بتقلبها في الوجود واستحالتها في الجوهرية واشتدادها في الكون وترقيها من أدون المنازل إلى أشرف المقامات والمعارج كما يشير إليه حكاية معراج النبي صلى الله عليه وآله وسلم وترقيه إلى كل مقام واستحالتها حتى بلغ المنتهى ورأى من آيات ربه الكبرى وكذا ما حكى الله عن الخليل ع وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وقوله حكاية عنه انى وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض فأين مرتبته البشرية كما قال تعالى قل انما انا بشر مثلكم وهذه المرتبة الإلهية التي أشار إليه بقوله صلى الله عليه وآله وسلم لي مع الله وقت لا يسعني فيه ملك مقرب ولا نبي مرسل
(٨٥)