وأدنى درجه من الشائق الواجد في الحال وإن كان أحسن حالا منه في المال لأن عدم وجدانه في الحال واشتغاله بغيرها ربما يزيل عنه ذلك التوقان في ثاني الحال فظهر من هذا ان الحرية الحقيقية ما تكون غريزية للنفس لا التي تكون بالتعويد والتعليم وان (1) كانت أيضا فاضله وهو معنى قول الفيلسوف أرسطاطاليس الحرية ملكه نفسانية حارسه للنفس حراسه جوهرية لا صناعية وبالجملة فكل ما كانت علاقته البدنية أضعف وعلاقته العقلية أقوى كان أكثر حرية ومن كان بالعكس كان أكثر عبودية للشهوات والى هذا أشار أفلاطون بقوله الأنفس المرذولة في أفق الطبيعة وظلها والأنفس الفاضلة في أفق العقل وإذا علمت معنى الحكمة (2) والحرية وحاصلهما قوه الإحاطة بالمعلومات والتجرد عن الماديات فاعلم أن جميع الفضائل النفسانية يرجع إلى هاتين الفضيلتين وكذا الأخلاق الذميمة مع كثرتها ترجع كلها إلى اضداد هاتين ولا تكفيك تزكية النفس عن بعضها حتى تزكى عن جميعها ولو تركت البعض غالبا عليك فيوشك ان يدعوك إلى البقية ولا ينجو من عذابها الا من اتى الله بقلب سليم وقال تعالى أيضا قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعثت لأتمم مكارم الأخلاق وكما أن للانسان صوره ظاهره حسنها بحسن الجميع واعتداله وقبحها بقبح البعض فضلا عن الجميع فكذلك الصورة الباطنة لها أركان لا بد من حسن جميعها حتى يحسن الخلق وتحصل الحكمة والحرية وهي أربعة معان قوه العلم وقوه الغضب وقوه الشهوة وقوه العقل (3) والعدل بين هذه
(٨٨)