انسان ثلاثة أناس متفاوتة في الوجود حسي فاسد وعقلي دائم ونفساني بينهما فقد ظهر ان هذا الهيكل الحسى الانسي بجميع أعضائه طلسم وصنم للانسان النفسي وهو أيضا صنم للانسان العقلي ومثال له وهو المحشور اما في زمره السعداء وأهل الجنة أو في زمره الأشقياء وأهل الجحيم واما الانسان العقلي فهو في مقعد صدق عند مليك مقتدر والانسان النفسي له الاحساس بذاته للأشياء والحكم بذاته عليها لا باله طبيعية يحتاج إليها في ادراكه وفعله فادراكه للخارجيات من المحسوسات وإن كان بصوره زائدة حاضره عنده أو حاصله فيه الا ان ادراكه لها بعين تلك الصور لا بصوره أخرى والا لزم التسلسل في تضاعف الصور الادراكية فذاته بذاته لادراك المبصرات بصر ولادراك المسموعات سمع وهكذا في كل نوع من المحسوسات فهو في ذاته لذاته سمع وبصر وشم وذوق ولمس وقد علمت فيما سبق اتحاد الحس بالمحسوس فهو حس جميع الحواس وأيضا له الحكم بذاته في القضايا الوهمية وغيرها لا بأمر زائد من صور القضايا وهو الشهوة لذاته للمشتهيات والغضب لذاته على المنافرات من غير شهوة زائدة وغضب زائد وكذا قياس الانسان العقلي البسيط في نظائر ما ذكرناه.
قال الفيلسوف الأعظم ان هذه الحسائس (1) عقول ضعيفه وتلك العقول حسائس قوية.
ثم لقائل ان يقول إن الانسان إذا كان في العالم الاعلى يكون حساسا والحساس فصل جنسه والحس ليس الا انفعالا من صوره طبيعية جسمانية فكيف يمكن ان يكون في الجوهر الكريم العالي حس وهو موجود في الجوهر الدنى السافل.
فالجواب عنه كما يستفاد من كلام الفيلسوف ان نسبه هذا الحس إلى الحس العقلي كنسبة هذا الحيوان اللحمي إلى الحيوان العقلي وكذا نسبه المحسوس هاهنا