وان كانت الف صفه لا يصير بذلك جزئيا شخصيا وبالجملة فالاحساس بذلك الجزئي سبب لاستعداد النفس لان تدرك ذلك الجزئي على وجه كلي ثم يكون ذلك الادراك سببا باعثا لطلب كلي لتحصيل ذلك الشئ فعند ذلك يتخصص ذلك الطلب ويصير جزئيا لتخصص القابل وذلك الطلب الجزئي هو الشهوة وكذا قياس الغضب وسائر الأحوال الجزئية المنسوبة إلى النفس الانسانية فهذا غاية ما يمكن ان يقرر في كون النفس رباطا للقوى الجسمانية ومجمعا على مذهب الشيخ واتباعه.
وأقول ليس هذا بسديد لان نسبه الشهوة والغضب والحس وحركه وسائر الأفعال الجزئية والانفعالات الشخصية إلى النفس ليست كنسبة فعل امر مباين إلى امر آخر من شانه ان يدرك على وجه كلي كل ما يدركه الاخر على وجه جزئي والا لكان العقل الفعال أيضا ذا شهوة وغضب وحس وحركه كما أن الانسان كذلك مع انا نعلم ضرورة انه برئ من هذه الآثار والشواغل والانفعالات وانا نجد من أنفسنا ان لنا ذاتا واحده تعقل وتحس وتدرك وتتحرك وتعتريه الشهوة والغضب وغيرهما من الانفعالات ونعلم أن الذي يدرك الكليات منا هو بعينه يدرك الشخصيات وان الذي يشتهى منا هو بعينه الذي يغضب وكذا الكلام في سائر الصفات المتقابلة ولا يكفي في هذه الجمعية وحده النسبة التأليفية كالنسبة بين الملك وجنوده وصاحب البيت وأولاده وعبيده وإمائه بل لا بد من وحده طبيعية ذات شؤون عديده كما يعرفه الراسخون في علم النفس ومنازلها وفي معرفه الوجود الحق وشؤونه الإلهية المستفادة من علم الأسماء الذي علم الله به آدم ع المشار إليه في قوله تعالى وعلم آدم الأسماء كلها وقد أشرنا إلى تحقيق ذلك في مواضع من هذا الكتاب لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد حيث بينا ان الوجود كلما كان أشد قوة وبساطة كان أكثر جمعا للمعاني وأكثر آثارا وان العوالم ثلاثة عالم العقل وعالم النفس الحيواني وعالم الطبيعة والأول (1) مصون عن الكثرة بالكلية والثاني مصون عن الكثرة