الافعال والمراد من الصورة في قوله تعالى في أي صوره ما شاء ركبك هي الصورة الجسمية الدنيوية والذي ذكره من أن الشخص الغالب عليه البلادة روحه روح حمار صحيح لكن جسده (1) أيضا جسد حمار تابع لروحه وذلك أعم من أن يكون في هذه النشأة بحسب الفطرة الأصلية كهذا النوع المعهود في الدنيا أو في النشأة الآخرة بحسب ما اكتسبته النفس الآدمية من الصفات البهيمية في الفطرة الثانية فتحشر في الآخرة بصوره تلك البهيمة وبالجملة هيئات الأبدان تابعه لهيئات النفوس في كلتا النشأتين.
ومنها انه يظهر من كلامه ان الصورة التي يبعث فيها الانسان يوم القيامة هي بعينها الصورة (2) الطبيعية التي كانت في الدنيا وقد علمت أنه ليس كذلك وان الدنيا والآخرة نشأتان مختلفتان في نحو الوجود وان الصورة المبعوثة من الانسان في القيامة ليست طبيعية لكنها محسوسة بالحواس الظاهرة في الآخرة كما مر.
ومنها انه كان يجب عليه ان يفرق بين الأرواح الكلية والأرواح الجزئية في الاحكام التي ذكرها بل بين الأرواح الثلاثة أعني الأرواح العقلية النطقية والأرواح الحيوانية الخيالية والأرواح الحيوانية الحسية على مراتبها وان أيها متميزة الوجود بعد مفارقه الأجساد وأيها غير متميزة بعدها والذي ذكره طائفة من أن الأرواح غير متميزة بعد المفارقة لا نفسها بل هي كمياه الأوعية إذا انكسرت فاتحدت حكم صحيح الا انه مختص بالأرواح الجزئية الحسية وما دونها من الأرواح النباتية وغيرها وليس بصحيح فيما فوقها من الروحين السابقين أعني العقلية والخيالية لأنهما مستقلتان في الوجود ليستا ساريتين في الأجساد ليكون تميزهما وتعددهما تابعين لتعدد الأجساد