تشوقها إلى التشبه بالعقل والاتصال به فأفاضت من نورها وفضائلها على ما تحتها لكن على سبيل التجدد الزماني إذ ليست تامه الوجود والا لكانت عقلا لا نفسا وهي نفس هذا خلف فملأت هذا العالم من نورها وبهائها وحسنها من صوره الأنواع وطبائع الجسمانيات كالأفلاك والكواكب والحيوانات والنبات والمعادن والاسطقسات فتلك الصور أيضا في غرائزها وجبلاتها الجود على ما تحتها والفعل فيما دونها بالناموس الإلهي والاقتداء بالسنة الواجبة لكن الطبيعة المادية لما كانت آخر الجواهر الصورية وأدناها لم تقو على شئ غير الهيولى التي ليس شانها غير امكان الأشياء واستعدادها وغير حركه التي هي خروج الشئ الممكن من القوة إلى الفعل فالهيولى وحركه شأنهما الحدوث والدثور والاخذ والترك والتجدد والانقضاء والشروع والانتهاء فلا جرم سيخرب هذا العالم ويزول جميع ما في الأرض وتؤول إلى العدم والفناء كما قال سبحانه كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام فتكر الطبيعة راجعه إلى النفس والنفس راجعه إلى العقل والعقل راجع إلى الواحد القهار كما قال تعالى سائلا ومجيبا لمن الملك اليوم لله الواحد القهار وقوله ونفخ في الصور فصعق من في السماوات والأرض الا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون فإذا رجعت هذه (1) الأشياء إلى مقارها الأصلية بعد خروجها عن عالم الحركات والاستحالات والشرور والآلام بالموت والفساد للأجسام والفزع والصعق للنفوس تعطف عليها الرحمة الإلهية تارة أخرى بالحياة التي لا موت فيها والبقاء الذي لا انقطاع لها ولهذا قال تعالى ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون وقال وأشرقت الأرض بنور ربها وتلك الأرض الأخروية هي صوره نفسانية (2) ذات
(٢٦٦)