العقول النازلة في الصف الأخير من العقليات فان لكل نوع من أنواع الحيوانات وغيرها من الأجسام الطبيعية عقلا هو مبدأها وغايتها كما سبق بيانه فإذا كان الامر هكذا فلا محاله يكون افراد كل نوع طبيعي متصلة إلى مبدأها الفاعلي والغائي لكن هذه العقول العرضية الأخيرة التي ليست بعدها عقل آخر بعضها أشرف من بعض ولأجل ذلك كانت الأنواع الطبيعية بعضها أشرف لان شرافة العلة المؤثرة يوجب شرافة المعلول فمن تلك العقول ما لم يتوسط بينه وبين معلوله الطبيعي شئ آخر لغاية نزوله العقلي فحكمه حكم النفوس المباشرة للأجسام الا ان النفس ليست لها رتبه الابداع للجسم بل التدبير والتصريف بخلاف العقل ومنها ما يتوسط بينها وبين طبيعة معلوله نفس انسانية إن كان في غاية الشرف وهو رب نوع الانسان أو نفس حيوانية وهو دونه في الشرف أو نفس نباتية وهو انزل منهما جميعا وارفع من العقول النازلة التي هي مبادئ الطبائع الجمادية فالعقول التي هي مبادئ الطبائع الحيوانية التي لها نفوس خيالية بالفعل ترجع تلك النفوس إليها مع بقاء تعددها وامتياز هوياتها الشخصية فهي بشخصياتها محشورة كل طائفة من افراد نوع واحد إلى العقل الذي هو مبدأ نوعها واما النفوس الحيوانية التي هي حساسة فقط وليست ذات تخيل وحفظ بالفعل فهي عند موتها وفساد أجسادها ترجع إلى مدبرها العقلي لكن لا يبقى امتيازها الشخصي وكثرة هويتها المتعددة بتعدد أجسادها بل صارت كلها موجودة بوجود واحد متصلة بعقلها لأنها بمنزله أشعة نير واحد انقسمت وتعددت بتعدد الروازن الداخلة هي فيها فإذا بطلت الروازن زال التعدد بينها ورجعت إلى وحدتها التي كانت لها عند المبدء فهكذا كيفية حشر هذه النفوس الحساسة وذلك كرجوع القوى الحساسة وغير المتفرقة في مواضع البدن المجتمعة عند النفس ومن نظر إلى حال الحواس الخمس وافتراقها في أعضاء البدن واتحادها في الحس المشترك هان عليه التصديق بان النفوس الحساسة الجسمانية المتعددة بتعدد الأبدان وهي التي لا استقلال لها في الوجود بلا قابل إذا فسدت قوابلها فهي لا محاله مرتبطة بفاعلها واتحاد الفاعل يوجب اتحاد الفعل وانما يتعدد بتعدد القابل بالعرض فإذا فسدت
(٢٤٩)