بذاته ذات الأول لكن لا على وجه الاكتناه والا لكان محيطا به قاهرا عليه هذا محال وإذ لا واسطه بينهما ولا حجاب يوجب البينونة فلا محاله يتجلى الحق عليه بصريح الذات إذ لا جهة أخرى ولا صفه زائدة فذاته تعالى متجل بذاته على العقل الأول فذات العقل الأول هي صوره هذا التجلي إذ ليس له قابل للتجلي غير ذاته فما به التجلي (1) والمتجلي والمتجلى له كلها شئ واحد وليس هناك أمران ذات العقل وتجلى الحق له إذ يمتنع ان يصدر عنه تعالى بجهة واحده صورتان صوره العقل وصوره التجلي ويستحيل ان يتكرر وجودان لشئ واحد فثبت من ذلك أن وجود العقل بعينه عبارة عن تجليه تعالى بصوره ذاته عليه وصوره ذات الحق ليست بأمر مغاير لذاته فذات العقل كأنها (2) صفحه مرآة يتراءى فيها صوره الأول وكما ليس في صفحه المرآة لون ولا شئ وجودي الا الصورة المرئية ولا الصورة المرئية امر مغاير لحقيقتها فكذلك ليس للعقل هوية الا صوره هوية الأول والصورة ليست بأمر مفارق لذي الصورة ولا تفاوت جهة فيها الا كونها مثالا له وحكاية عنه وهو ذاتها وحقيقتها فالذات الإلهية هي حقيقة العقل والعقل مثالها وكل ذي حقيقة راجع إلى حقيقته فالعقل الأول محشور إليه تعالى وكذا العقول البواقي محشورة إليه بالبيان المذكور لان المحشور إلى المحشور إلى شئ محشور إلى ذلك الشئ.
البرهان الرابع قد مر في مباحث العقل والمعقول من الفن الكلى البرهان على ثبوت الاتحاد بين العاقل معقولة بالذات وثبت في مباحث علمه تعالى ان المفارقات العقلية هي بعينها علومه (3) التفصيلية بالأشياء لا بصوره زائدة عليها فإذا كانت ذاتها عين عقله تعالى بالموجودات وعقل الشئ كما علمت غير مبائن عنه فهي لا محاله راجعه