الآخرة على التدريج ويرجع إلى غاية مقصوده فيبتدي بوجوده الدنيوي المادي إلى وجوده الأخروي الصوري إذ نسبه الدنيا إلى الأخرى نسبه النقص إلى الكمال ونسبه الطفل إلى البالغ ولهذا يحتاج في هذا الوجود كالأطفال لضعفهم ونقصهم إلى مهد هو المكان ودايه (1) هو الزمان فإذا بلغ أشده (2) الجوهري يخرج من هذا الوجود الدنيوي إلى وجود أخروي ويستعد للخروج من هذه الدار إلى دار القرار والى هذا الحد من الوجود النفساني والاستقلال الجوهري الصوري المعبر عنه بنفخ الصور الموجب للموت الطبيعي والخروج من هذه النشأة مما يقع فيه الاشتراك بين المؤمن والكافر والموحد والمشرك والمعطل إذ لا منافاة بين هذا الكمال الوجودي والاستغناء عن المادة البدنية وبين الشقاوة والتعذيب بنار الجحيم وادراك العذاب الأليم بل يؤكدها فان شده الوجود يوجب الخروج عن الغواشي والملابس المادية وهو يوجب شده الادراك للمؤلمات والمؤذيات ونتائج الأعمال القبيحة والسيئات والأمراض والعلل النفسانية التي كان الذهول عنها في الدنيا لخدر الطبيعة وغشاوة على البصيرة فإذا زال الحجاب حل العذاب فالنفس ما لم تقطع جميع الحدود الطبيعية ثم النفسانية لم يصل إلى جوار الله ولم يستحق مقام العندية فالموت أول منازل الآخرة وآخر منازل الدنيا والانسان بعد خروجه عن الدنيا قد يكون محبوسا في البرازخ المتوسطة بين الدارين الدنيا والعقبى مده طويله أو قصيرة
(١٩٦)