لكل نوع من الأنواع المحسوسة مثلا عقليا وصوره مفارقه في عالم العقل ولا يخفى ان مشاهده الأمور الأخروية على هذا الوجه العقلي مختص باهل المعرفة والكاملين في العلم دون المتوسطين والناقصين من العقول الساذجة والنفوس الساكنة وهم أكثر أهل الجنة كما ورد في الخبر أكثر أهل الجنة البله وعليون ذوو الألباب ولذلك ذكر الغزالي في بعض رسائله بعد ذكر الوجوه الثلاثة كلاما بهذه العبارة وجميع هذه الأقسام ممكنة فيجوز ان يجمع بين الكل ويجوز ان يصيب كل واحد بقدر استعداده فالمحمود على الصورة المشعوف بالتقليد لن ينفتح له طريق الحقائق ولا يتمثل له هذه الصور العقلية والعارفون المستصغرون بعالم الصور واللذات المحسوسة يفتح لهم من لطائف السرور واللذات العقلية ما يليق بهم ويشفي شرههم وشهوتهم إذ حد الجنة ان فيها لكل امرء ما يشتهيه فإذا اختلفت الشهوات لم يبعد ان تختلف العطيات واللذات والقدرة واسعه والقدرة البشرية عن الإحاطة بعجائب القدرة قاصرة والرحمة الإلهية ألقت بواسطة النبوة على كافه الخلق القدر الذي احتملت أفهامهم فيجب التصديق بما فهموه والاقرار بما وراء منتهى العلم من أمور يليق بالكرام الإلهيين انتهى كلامه.
والوجه الثاني (1) ان يكون هذه الأمور كناية عما يلزمها من فنون السرور أو الآلام وهو المراد من قول الغزالي في بيان المرتبة الثالثة انه لو رأى أحد في المنام الخضرة والماء الجاري والوجه الحسن والأنهار والأمطار الممطرة باللبن والعسل والخمر والأشجار المزينة بالجواهر واليواقيت واللئالي والقصور المبنية من الذهب والفضة والأسورة المرصعة بالجواهر والغلمان المتمثل بين يديه للخدمة لكان المعبر يعبر ذلك بالسرور ولا يحمله على نوع آخر من السرور يرجع بعضه إلى سرور العلم وكشف المعلومات وبعضه إلى