الوجود في مراتب الاتصالات والانفصالات لا ما هو الجسم بالمعنى الجنسي الذي لا وجود له محصلا الا بصوره أخرى مقومه له مخصصه لطبيعته الجنسية تخصيصا تميزه من بين سائر الأنواع تميزا ذاتيا وقد اتفق جمهور الحكماء واتباعهم على أن الجسم بما هو جسم مطلق لا وجود له في الأعيان ولا الجسم المعرى عن كافه الصور الكمالية مما يمكن ان يوجد في الخارج وانسانية الانسان ليست بمجرد الجسمية والا لكان كل جسم انسانا و كذا زيدية زيد ليس بمجرد اجزاء مادية كيف كانت والا لكان إذا صارت تلك الأجزاء متفرقة متباعدا بعضها عن بعض في أطراف العالم زيدا وكيف يصح لعاقل ان يذهب إلى أن جسما مخصوصا كهذا الفرس إذا قسم أقساما وفرقت اجزاؤه كان بعينه باقيا حال التفرق.
الثالث ان مفسده التناسخ بحسب المعنى كما ذكره وارده هاهنا بلا مرية وهي لزوم كون بدن واحد ذا نفسين فان تلك الأجزاء لو كانت قابليتها لتعلق النفس حين التفرق باقية لم تفارق عنها النفس فكان زيد حال الموت حيا وقد فرض ميتا وان لم تكن باقية فاحتاجت في قبولها للنفس إلى انضمام امر إليها به يستعد للقبول فإذا انضم إليها ذلك الامر وصارت مستعدة باستعداد آخر جديد لا بد ان يفيض عليها من المبدء الجواد فيض جديد وروح مستأنف فإذا تعلق بها الروح المعاد أيضا كان لبدن واحد روحان وهو ممتنع ثم أي تخصص ومناسبة بقي لاجزاء ترابية متفرقة من بين سائر الأجسام لبقاء ارتباط النفس بها ولو كان ارتباطا ضعيفا فان كل علاقة وارتباط بين شيئين دون سائر الأشياء انما يتحقق بان يكون كل منهما انسب الأشياء إلى الاخر ونحن نرى كثيرا من المواد التي لها مزاج قريب من مزاج الحيوان وكيفية قريبه من كيفيته يكون بها يستحق المادة لفيضان صوره حيوانية فهي أولى بتعلق النفس إليها من تلك الأجزاء الرمادية التي لم يبق لها استحقاق قبول صوره جمادية فضلا عن النباتية فضلا عن الحيوانية فضلا عن الانسانية فضلا عن الزيدية وكل من له أدنى ادراك إذا رجع إلى وجدانه يعلم يقينا ان لا التفات ولا اشتياق ولا استيناس للنفس بجسم من بين سائر الأجسام أو باجزاء جسمية من بين سائر الأجزاء الا بان يكون له أو لها كيفية محسوسة ملائمة أو هياه