الخارجة كما مر ولا شك ان أليقها وانسبها في أن يعتنى تكميل النفوس الانسانية هو أبوها القدسي ومثالها العقلي المسمى بلسان الشرع جبرئيل روح القدس وفي ملة الفرس كان يسمى روان بخش وفي كثير من الآيات القرآنية تصريح بان هذه المعارف في الناس وفي الأنبياء ع يحصل بتعليم الملك والهامة كقوله تعالى علمه شديد القوى وقوله قال نبأني العليم (1) الخبير وكيفية وساطة هذا الملك المقرب العقلاني في استكمالاتنا العلمية ان المتخيلات المحسوسة إذا حصل في قوه خيالنا يحصل منها من جهة المشاركات والمباينات المعاني الكلية ولكنها في أوائل الامر مبهمة الوجود ضعيفه الكون كالصور المرئية الواقعة في موضع مظلم فإذا كمل استعداد النفس وتأكد صلاحيتها بواسطة التصفية والطهارة عن الكدورات وتكرر الادراكات والحركات الفكرية أشرق نور العقل الفعال عليها وعلى مدركاتها الوهمية وصورها الخيالية فيجعل النفس عقلا بالفعل وبجعل مدركاتها ومتخيلاتها معقولات بالفعل وفعل العقل الفعال في النفس وصورها المتخيلة الواقعة عندها كفعل الشمس في العين الصحيحة وما عندها من الصور الجسمانية الواقعة بحذائها عند اشراقها على العين وعلى مبصراتها فالشمس مثال العقل الفعال وقوه الابصار في العين مثال قوه البصيرة في النفس والصور الخارجية التي بحيالها مثال الصور المتخيلة الواقعة عند النفس فكما ان قبل اشراق الشمس عند الظلام يكون البصر بصرا بالقوة والمبصرات مبصرات بالقوة فإذا طلعت الشمس وأشرق عليها صارت القوة البصرية رائيه مبصرة بالفعل وتلك الملونات التي بحيالها مرئيات مبصرة بالفعل فكذلك مهما طلع على النفس هذا النور القدسي وأشرق ضوءه عليها وعلى مدركاته الخالية صارت القوة النفسانية عقلا وعاقلا بالفعل وصارت المتخيلات معقولات بالفعل وميزت القوة العقلية بين المكتسبات الحاصلة ذاتياتها عن عرضياتها
(١٤٣)