ثم انصرف عن الوضع الأول بان اعتبر ذلك المعنى تارة في طرف الايجاب كما في الوضع الأول وتارة في طرف السلب إذ من شان الامتناع الدخول على كل منهما وحينئذ وقع على الممتنع وعلى ما ليس بواجب ولا ممتنع وتخلى عن الواجب فصار الامكان مقابلا لكل من ضرورتي الجانبين إذ بحسب دخوله على الايجاب قابل ضرورة السلب وبحسب دخوله على السلب قابل ضرورة الايجاب ولما لزم وقوع الامكان على ما ليس بواجب ولا ممتنع في حالتيه جميعا (1) وضع منقولا خاصيا لسلب الضرورة في جانبي الايجاب والسلب جميعا وهو الامكان الحقيقي المقابل للضرورتين جميعا وهو أخص من المعنى الأول فكان المعنى الأول امكانا عاما أو عاميا والثاني خاصا وخاصيا بحسب الوجهين وصارت الأشياء بحسبه على ثلاثة أقسام واجب وممتنع وممكن كما كانت بحسب المفهوم الأول قسمين واجبا وممكنا أو ممتنعا وممكنا.
ثم قد يستعمل ويراد به ما يقابل جميع الضرورات ذاتية كانت أو وصفيه أو وقتيه وهو أحق باسم الامكان من المعنيين السابقين لان هذا المعنى من الممكن أقرب إلى حال الوسط بين طرفي الايجاب والسلب كالكتابة (2) للانسان لتساوى