والتقدم ونظائرها وانهم يخالفون الأقدمين من حكماء الرواق حيث قالوا بان نحو وجود هذه المعاني انما هو بملاحظة العقل واعتباره فمنشأ ذلك ما حققناه وفي التحقيق وعند التفتيش لا تخالف بين الرائين ولا مناقضة بين القولين فان (1) وجودها في الخارج عبارة عن اتصاف الموجودات العينية بها بحسب الأعيان وقد دريت ان الوجود الرابط في الهلية المركبة الخارجية لا ينافي الامتناع الخارجي للمحمول فعلى ما ذكرناه يحمل كلام أرسطو واتباعه فلا يرد عليهم تشنيعات المتأخرين سيما الشيخ المتأله صاحب الاشراق.
ومما تحققت انكشف لك ضعف ما وقع التمسك به في بعض المسطورات الكلامية من أن عدم الفرق (2) بين نفى الامكان والامكان المنفى وهما مفاد لا امكان له وامكانه لا يوجب كون الامكان ثبوتيا وان كل عدم فإنه يتعرف ويتحقق بالوجود فما يكون له عدم يكون له ثبوت وما له ثبوت فهو ثابت فإنه (3) ان عنى به اثبات ان الامكان من الموجودات العينية فالكذب فيه ظاهر وان عنى به انه ليس من الاعدام بل من المحمولات العقلية على الماهيات العقلية والعينية فذلك هو المرام عند المحصلين من الحكماء العظام ومعنى امكانه لا سلب الوجود العيني عن مفهوم الامكان ومعنى لا امكان له عدم صدق الامكان كما في سائر الطبايع الذهنية التي هي أوصاف الأشياء ولا يحمل عليها