فرقه من المنطقيين لان (1) الباقي على الامكان الصرف ليس الا المنسوب إلى الاستقبال من الممكنات التي يجهل (2) حالها ومن اشترط منهم في هذا ان يكون معدوما في الحال فقد غفل عن أن حسبانه ان جعله موجودا قد اخرجه إلى ضرورة الوجود آت مثله هاهنا إذ فرض العدم الحالي أيضا يخرجه إلى ضرورة العدم فان استضر بذلك فيستضر بهذا فترجيح أحدهما على الاخر ليس من مرجح وهذا (3) قول يناسبه النظر المنطقي والانظار البحثية.
واما التحقيق الفلسفي فيعطى ان الممكن في الاستقبال أيضا لا يتجرد عن احدى الضرورتين الوجوب باعتبار أحد الطرفين والامتناع باعتبار مقابله من جهة ايجاب العلة له كما في الحال فاذن معنى الامكان واحد يتساوى نسبته إلى ما بحسب الحال أو الاستقبال للممكن نعم الصدق والكذب لا يتعينان في الامكان الاستقبالي فان الواقع في الماضي والحال قد يتعيب طرف وقوعه ولا وقوعه ويكون الصادق والكاذب بحسب المطابقة وعدمها واقعين واما الاستقبالي فقد نظر في تعين أحد طرفيه أهو كذلك في الواقع أم لا وهذا أيضا بالقياس إلى علومنا الغير المحيطة بما في الآزال والآباد جميعا بخلاف علوم المبادي وأوائل الوجود فان علومهم عليه احاطية ايجابية بتية لا انها انفعالية امكانية ظنية انما الامكان والظن بحسب حال الماهيات الغير المستدعية لشئ من طرفي الوجود والعدم وهو لا ينفك عن ايجاب الوجود الناشي من اقتضاء السلب التام والجمهور يظنونه كذلك في الواقع والتحقيق يأباه لان الممكن ممكن بذاته واجب بوجود علته وممتنع بعدمها فما لا يعلم من الممكن الا الامكان فلا يتصور ان يعلم منه انه واقع أو غير واقع وان علم وجود سببه كان وجوده واجبا لا ممكنا وان علم عدم سببه كان عدمه واجبا لا ممكنا فاذن وجود