وهو محال فبقي ان لا يكون الانسان موجودا الا عن عله وينعكس بعكس النقيض إلى أن كل ما لا يكون معلولا لا يكون غير الوجود بل هو نفس الوجود.
فلو قيل الوجود أيضا كذلك لا يجوز ان يكون موجودا لأنه وجود لأنه انما يكون وجودا لو كان موجودا فيكون موجودا لأنه موجود فيعود المحال.
فالجواب ان الوجود انما يكون موجودا لا بوجود آخر بل بنفسه فلا معنى لقولنا الوجود موجود لأنه موجود الا ان الوجود موجود بنفسه فلا يلزم ان يكون الوجود موجودا قبل كونه موجودا بل اللازم ان الوجود متقدم بنفسه على نفس كونه موجودا ولا محذور فيه.
فقد ظهر ان ما هو غير الوجود انما يكون موجودا بالوجود والوجود موجود بنفسه كما أن الزماني يتقدم ويتأخر بحسب الزمان والزمان كذلك بنفسه وكما أن الأجسام يختلف بالمادة والمادة كذلك بنفسها وكما أن الأشياء يظهر بين يدي الحس بالنور والنور بنفسه لا بنور آخر هذا ما قرره بعض الحكماء وفيه تأمل.
الرابع ما افاده صاحب التلويحات وهو ان الذي فصل الذهن وجوده عن ماهيته ان امتنع وجودها بعينه لا يصير شئ منها موجودا وإذا صار شئ منها موجودا فالكلي له جزئيات أخرى معقوله غير ممتنعة لماهياتها بل ممكنه إلى غير النهاية وقد علمت أن ما وقع من جزئيات كلى بقي الامكان بعد وإذا كان هذا الواقع واجب الوجود وله ماهية وراء الوجود فهي إذا اخذت كليه أمكن وجود جزئي آخر لها لذاتها إذ لو امتنع الوجود للماهية لكان المفروض واجب الوجود ممتنع الوجود باعتبار ماهيته وهذا محال غاية ما في الباب ان يمتنع بسبب غير نفس الماهية فيكون ممكنا في نفسه فلا يكون واجبا لان جزئيات الماهية وراء ما وقع ممكنات كما سبق فليست واجبه فإذا كان شئ من ماهياته ممكنا فصار الواجب أيضا باعتبار ماهيته ممكنا وهذا محال فاذن إن كان في الوجود واجب فليس له ماهية وراء الوجود بحيث يفصله الذهن إلى أمرين فهو الوجود الصرف البحت