فان قيل فليكن تقدم الماهية بالقياس إلى وجودها من هذا القبيل.
نقول هذا فاسد (1) من وجوه منها انا قد بينا (2) ان العلاقة بينهما اتحادية من دون تقدم أحدهما على الاخر في الواقع فان الموجود في الحقيقة هو الوجود والماهية منتزعة عنه ومتحده معه ومن قال من المحققين بتقدم الوجود بحسب العين على الماهية معناه ان الوجود هو الأصل في الصدور من الجاعل والتقرر في الأعيان لكونه نفس التقرر في الأعيان والماهية مفهومه منه متحده معه فيكون فرعا له بهذا الاعتبار لا بمعنى المعلولية والتأثر إذ الماهيات غير مجعوله ولا متأثرة لا بالجعل البسيط ولا بالجعل المؤلف كما ستطلع عليه.
وبالجملة ما لم يصدر الوجود الامكاني عن الجاعل لم يكن هناك ماهية وإذا صدر الوجود تقررت الماهية لكن في مرتبه الوجود لا في مرتبه متأخرة ولا متقدمه إذ لا استقلال لها في الكون والحصول في الواقع.
ومنها ان لوازم الماهية أمور انتزاعية غير متأصلة وقد حققنا ان الوجود امر حقيقي فكيف يكون من لوازم الماهية والتقدم والتأخر بين الماهية ولازمها وان كانا متحققين من دون مدخليه الوجود في شئ منهما لكن مع انسحاب حكم الوجود عليهما لا به لعدم انفكاكهما عن الوجود اللائق بهما فالماهية في مرتبه اقتضائها للازمها مخلوطه بالوجود وان لم يكن اقتضائها بحسب الوجود فكيف يكون الوجود لازما لها مع كونه في مرتبتها غير متأخر عنها.
توضيح وتنبيه الشئ اما ماهية أو وجود إذ المراد بالماهية غير الوجود ولا محاله يكون امرا يعرضه الكلية والابهام فنقول كل ما هو غير الوجود وان أمكن ان يكون سببا لصفه ويكون صفته سببا لصفه أخرى لكن لا يمكن ان