ومما ذكرنا يظهر وجه سقوط الاختلاف الآخر المحكي (1) هنا بين المعظم، وبين الشهيد (رحمه الله) (2) وصاحب " إيضاح النافع (رحمه الله) " (3)، ضرورة أن تقويم المقوم وشهادة الشاهد فيما نحن فيه، لا أثر له إلا بالنسبة إلى المقدار الذي يحق للمشتري أن يرجع به إلى البائع، فما هو محط اختلاف المقومين ومصب تشاح الشاهدين الذي هو منظور العقلاء في الرجوع إليهم، ليس إلا ذلك. فلو اختلفت آراؤهم في تقويم الصحيح والمعيب معا، لا يجوز طرح المجموع، والرجوع إلى أصالة البراءة كما هو مقتضى الصناعة، ولا الأخذ بالطريقة المنسوبة إلى المعظم، أو الشهيد (4) وغيره - بناء على عدم رجوعهما إلى أمر واحد، كما يستظهر من الشيخ (رحمه الله) (5) - لأن سقوط الدلالة المطابقية في كل منهما بالمطابقة في الآخر في تقويم الصحيح والمعيب ممنوع، لما عرفت من عدم المعارضة ذاتا بينها.
وأما توهم لزوم الأخذ بالالتزامية عند العقلاء، إذا كانت مشتركة، كما إذا كان اختلاف كل منهما في تقويم الصحيح والمعيب، على وجه يورث كون النسبة بالنصف، فهو غير تام، لأنه ليس بنفسه الأثر الذي لأجله وقع التعبد بالأخذ بقول كل من المقومين، ضرورة أن ما هو الأثر هو الحق