الطارق ليس فيه ما ينافي الغيرة، فان الأقرب إلى الباب يجيب الطارق بحسب العادة خصوصا عندما يكون صاحب البيت مشغولا، ومن الذي قال: إن عليا (ع) لم يكن في وضع يمنعه من المبادرة لإجابة الطارقين؟!..
4 - ومن الذي قال: إن عليا قد سمع الطرقة، ثم طلب من الزهراء أن تجيب، ثم انتظر ليسمع منها النتيجة؟!.. فقد كان يجلس في الداخل مع بني هاشم حسبما يقوله هذا البعض نفسه. والزهراء كانت الأقرب إلى الباب حيث كانت تجلس عند قبر أبيها الذي دفن قبل لحظات.
5 - من الذي قال: إن الزهراء قد فتحت الباب؟. فقد سألوها أن تفتح الباب لهم، فأجابتهم، فهجموا على الباب بمجرد سماعهم لصوتها، ومعرفتهم بوجودها.. محاولين فتحه عنوة، فلاذت وراء الباب، فأحسوا بها، فعصروها بالباب.. ولا تستغرق هذه العملية أكثر من ثوان معدودة. فلما سمع علي عليه السلام الجلبة بادر إليهم. فهربوا، وأدرك الزهراء وهي في تلك الحال، فحاول إسعافها..
فلم يطلب عليه السلام من الزهراء أن تفتح الباب، ولا طلب منها مواجهة الرجال ومحادثتهم، بل جرت الأمور بسرعة، ولا دليل على أنه قد سمع أو علم بما جرى، قبل ارتفاع الأصوات.
6 - وبعد التوضيح المتقدم يتضح: أنه لا معنى لقول البعض: هل يقبل أحدكم بأن تهاجم زوجته، أو أمه، أو أخته، وهو قاعد في البيت يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله..
ولا معنى لقوله:
" هل يقول عنه الناس: إنه بطل أو جبان؟! " كما لا معنى للمحاورة التي نقلها عن سني وشيعي.
7 - إن القضية هنا ليست قضية بطولة، وشجاعة شخصية.. إنها قضية الدين، والعمل بما هو مصلحة له.. وإن كان ذلك على حساب الراحة والرضى الشخصي.. فالمهم هو رضى الله لأنه عليه السلام لا يقدم غضبا، ولا يحجم جبنا، بل يعمل بالتكليف الشرعي.. وليس الإقدام دليلا على حق أو باطل، ولا الإحجام دليلا على جبن، فقد يكون العكس هو الصحيح في بعض الأحيان.