نعرف: أن المراد من قوله (عليه السلام): (المرأة شر كلها، وشر ما فيها أنه لابد منها). هو امرأة بعينها دون سائر النساء.
فلماذا إذن حكم هذا البعض على هذه الكلمة بضرس قاطع أنها مكذوبة ولا يمكن أن تصح؟!.
2 - وقد اتضح أن قول البعض:
" إن الرواية - بحسب ما يظهر منها واردة على نحو الإطلاق.. " غير كاف للحكم على الرواية بعدم الصحة.. فإن هذه القرائن التي ذكرناها، وذكرها هو نفسه كافية لتعيين أحد المعنيين المحتملين فيها..
فإن احتمال إرادة الجنس من كلمة (أل) يساوي احتمال إرادة (العهد) منها.
وإذا كان الإطلاق وعدم وجود القرينة يستدعي صرفها للجنس..
فإن وجود القرائن الصارفة عن الجنس، والمعينة للعهد.. تكفي في إسقاط (ذلك الإطلاق) عن صلاحيته للقرينية، فإن الإطلاق إنما يكون قرينة على هذا، حيث لا توجد قرينة على غيره، فإذا وجدت القرينة على الغير فإن الإطلاق ينقلب إلى تقييد، ولا يبقى ثمة إطلاق ليتمسك به..
3 - على أن استدلالاته التي أوردها لرد المعنى الأول هي الأخرى تحتاج إلى التأمل ولا تخلو من النقد..
فقد استدل مثلا بآية: (لقد كرمنا بني آدم.. (.
مع أن هذا التكريم، إنما هو من جهة العطاء، وإفاضة النعم عليهم، فيشمل بذلك المؤمن والكافر، حتى أمثال فرعون ونمرود، وأشقى الأولين والآخرين.. فإن تكريم الله تعالى لهم بالعطاء، والنعم لا يمنع من أن يكونوا بؤرة الشرور والآثام، فيكون فرعون مثلا شرا كله.. وكذلك غيره من الكافرين والمشركين.. وذلك يدل على أن تكريمهم إنما هو بالنعم، وبالتفضلات المناسبة، حتى وإن كانوا ممن لا يستحقون ذلك.. فإنه لا يشترط في العطاء أن يكون من تعطيه مستحقا لذلك العطاء..
وثمة مناقشات أخرى في سائر أدلة هذا البعض لا نرى حاجة إلى التعرض لها، فإن فيما ذكرناه كفاية لمن أراد الرشد والهداية.