(إن كتب العهدين كانت مخفية بسيطرة علماء الدين منكم (النصارى) ومن اليهود، مستورة حتى على عامة اليهود والنصارى، ولم تظهر، وتنتشر باللسان العربي والفارسي إلا قبل قرن أو قرنين، بعناية البرتستنت وإصلاحهم، ولم يكن لها أثر في بلاد الإسلام في زمان هؤلاء الذي ينقل عنهم الغريب بن العجيب، ولم يكن لهم نصيب من معرفة أمرها إلا السماع باسمها.. (3).
وقد حكى الله سبحانه: أن القرآن يبين: أن اليهود يبدون من التوراة ما يوافق أهواءهم على القراطيس، ويخفون كثيرا. فهو يقول:
(.. قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس، تجعلونه قراطيس تبدونها، وتخفون كثيرا) (1).
وقال تعالى: (يحرفون الكلم من بعد مواضعه) (2).
وبعد.. فإن وجود بعض الأحكام فيما يسميه اليهود توراة، لا يعني: أن التحريف مختص ببعض الجزئيات كما يقول هذا البعض. ولا يكفي ذلك لإصدار مثل هذه الأحكام.
6 - قلنا أكثر من مرة: إن الله سبحانه حين يقول: (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد الا الله (، فإنما يريد أن يفرض عليهم التزام التوحيد ورفض عبادة غير الله سبحانه.. لأنهم يدعون أن ربهم هو المسيح، على قاعدة الأب والابن والروح القدس.. كما هو معلوم..
ولا يريد الله سبحانه أن يقول في الآية المشار إليها آنفا: إن بيننا وبينكم نقاط التقاء هي التوحيد، ونقاط افتراق.. فلنلتق على ما اتفقنا عليه، ولنتحاور فيما افترقنا فيه - على حد تعبير البعض.. الذي أخذه عن أحمد حسن البنا - زعيم الإخوان المسلمين، أو عن رشيد رضا المعروف بكونه سلفيا.
فإننا لم نلتق معهم على عبادة الله الواحد، لأنهم يختلفون معنا في هذا الأمر أيضا.