والفتوحات التي جعلتها في مدة طويلة من الزمن، مهيمنة على الامر كله، حتى استطاع الاسلام أن يكون القوة الكبيرة في العالم بحيث شعر المسلمون بالعزة والكرامة والأمن والقوة والسيطرة.
وهناك من قال: بأن المراد بها الخلفاء الراشدين، ومن قال بأن المراد المهدي المنتظر، وقد وردت هناك عدة روايات في هذا الرأي أو ذاك الرأي..
وإننا نعتقد أن الآية جاءت من أجل أن تثير في نفوس المسلمين الثقة الكبيرة بالله وبأنفسهم، من خلال ذلك وتكشف لهم الغيب الإلهي الذي يتحرك في سنن الله في الكون فيما يمنحهم الله من لطفه وفيما يأخذ به الناس من أسباب النصر، في الدعوة والحركة والجهاد، في كل ما تحتاجه الحياة من عناصر القوة للرسالة وللإنسان.. لئلا يتساقطوا تحت تأثير الضغوط الصعبة الكبيرة التي تطبق عليهم، و تحيط بهم من كل جانب، و لئلا يضعفوا أمام نوازع الضعف الكامنة في شخصياتهم فيما تشدهم الرواسب اليه، و فيما تطبق لديهم الظروف عليه، ليستمروا في التحرك، وليتابعوا المسيرة بقوة و جد و إخلاص..
و لم تكن لتقتصر على مرحلة من المراحل، أو جيل من الأجيال، لأنها تؤكد الموقف على أساس الايحاء برعاية الله للاسلام و المسلمين في امتداد مسيرتهم في خط الحياة الطويل.. و لذلك فمن الممكن تطبيقها على كل مرحلة استطاع الاسلام فيها أن يحكم و يمتد و يهيمن، و استطاع المسلمون أن يعيشوا فيها الطمأنينة و القوة و الثبات، و على كل مرحلة مستقبلية تتصف بهذا الوصف و لكن.. مهما اختلفت التطبيقات، فلا بد من إدخال الأولى للدعوة التي كان الله يريد للمسلمين أن لا يخضعوا للاهتزازات التي كانت تتحرك في حياتهم، و للضغوط المحيطة بهم.. ليثبتوا على المبدأ، و يلتزموا بالاسلام.
و قد جاء في نهج البلاغة، كلام لعلي (ع) لعمر، لما استشاره لانطلاقه لقتال أهل فارس حين تجمعوا للحرب قال (ع): إن هذا الامر لم يكن نصره و لا خذلانه بكثرة و لا بقلة، و هو دين الله الذي أظهره و جنده الذي أعزه و أيده حتى بلغ ما بلغ و طلع حيث طلع و نحن على موعود من الله حيث قال عز اسمه: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم و ليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا) و الله تعالى منجز وعده و ناصر جنده.
فلننطلق مع وعد الله ليكون عنوانا لكل مسيرتنا (1).