والعلامة (1) عدم جواز البيع في المتجانسين إلا بما هو المتعارف من المكيل أو الموزون، لاستلزامه الربا من جهة اختلاف التقديرين بالزيادة والنقصان.
وهذا وإن كان يلزم على تقدير البيع بالمتعارف أيضا من حيث إنه إذا بيع بالوزن متساويا يكون بالكيل متفاوتا وبالعكس، إلا أن هذا التفاوت مغتفر ومأذون فيه، بخلاف ما إذا بيع بالتقدير الآخر لأنه غير مأذون فيه.
ويظهر من المسالك جوازه حيث إنه استظهره من الشرائع واستجوده حيث قال بعد قوله: «فيجوز بيع المتجانس بمثله وزنا بوزن نقدا ولا يجوز مع الزيادة»: هذا إذا كان أصلهما الوزن، أما لو كان أصلهما الكيل ففي الاكتفاء بتساويهما وزنا خاصة نظر: من كون الوزن أضبط حتى قيل: إنه أصل الكيل، ومن ورود الشرع والعرف بالكيل فلا يعتبر بغيره. وظاهر كلام المصنف اختيار الأول، وهو متجه، بل نقل بعضهم الإجماع على جواز بيع الحنطة والشعير وزنا، مع الإجماع على كونهما مكيلين في عهده (2) انتهى.
والأقوى كون هذه المسألة تابعة للمسألة الأولى; فإن قلنا فيها بكفاية أحدهما في موضع الآخر في صحة البيع نقول بجوازه هنا أيضا، ولا تضر الزيادة المحتملة أو المعلومة لصدق المساواة، فهو مثل ما إذا كان المتعارف بيعه بكل من التقديرين، فإنه يكفي المساواة بأي من التقديرين بيع، فكذا هنا، وظهر مما ذكرنا حال ما إذا كان العوضان من جنس واحد وكان أحدهما مكيلا والآخر موزونا، فإنه يجوز البيع بهما إن ارتفع الغرر بكل منهما، ولا يجوز بأحدهما إن لم يرتفع الغرر به، وإن لم يرتفع بواحد منهما لم يجز البيع إلا بنحو آخر.