طويل، استشكل فيه في صورة الاختلاف، وقال: نعم، قد يشكل ذلك بأن المختلف في بلدين مثلا لا يدخل تحت إطلاق أحد الخطابين، لا أنه مصداق لكل منهما، فقضية الأصل عدم حرمة الربا. وربما يؤيده خبر علي بن إبراهيم السابق، حيث قال: «ولا ينظر فيما يكال أو يوزن إلا إلى العامة ولا يؤخذ فيه بالخاصة» إلا أني لم أجد قائلا به هنا، بل ولا من احتمله، ويمنع مثل ذلك في الشرع; إذ المعلوم منه أن الأشياء منها ما لا يصح بيعه إلا بالتقدير لتوقف رفع الجهالة عليها، ومثلها لا ينفي اختلاف البلدان، بل لا بد من الحكم بفساد فعل فاقد التقدير، ومنها ما لا يعتبر فيه ذلك فيجوز بيعها مقدرة وبلا تقدير. واختلاف البلدان في هذه بأن كان المتعارف في بعضها التقدير وفي الآخر العدم غير قادح في عدم الربا فيها لعدم اشتراط صحة بيعها بالتقدير، فيجوز بيعها بدونه في بلدان التقدير، فلم يتحقق شرط الربا. ودعوى إمكان توقف رفع الجهالة على التقدير في بلاد دون أخرى يمكن منعها حينئذ، فمفروض المسألة حينئذ لا بد وأن يكون من الثاني حملا لأفعال المسلمين على الصحة، فلا يجري فيه الربا، بل احتمال ذلك فيه كاف في رفع الحرمة.
ولكن قد يدفع ذلك كله وغيره بالإجماع المركب إن لم يكن البسيط; إذ الأقوال في المسألة ثلاثة أشهرها ما عرفت (1) انتهى.
أقول: أما الإشكال الأول فبعد القول بصحة التمسك بالاستصحاب في المقام لا فرق بين صورة الاتفاق والاختلاف; إذ نمنع عدم إمكان شمول الخطابين لصورة الاختلاف; إذ لا مانع منه بأحد التصويرين المتقدمين، مع أن لازم ما ذكره عدم إمكانه في صورة الاختلاف في عصر النبي (صلى الله عليه وآله) أيضا، واختصاص الحكم بصورة الاتفاق، وإلا فيكون