فمع الإغماض عن ظهور الأخبار المذكورة في الكراهة، مقتضى الجمع بينها وبين هذين الخبرين ذلك، والجمع الدلالي مقدم على الترجيح السندي.
فلا وجه للقول بأن هذين الخبرين لا مقاومة لهما مع الأخبار المذكورة. كما لا وجه لدعوى احتمال أو ظهور كون المراد من المماثلة في الخبرين المماثلة بوضع الرطوبة واليبوسة.
وكذا لا وجه لاحتمال حمل العنب والزبيب في الموثق على عنب يابس وزبيب رطب، وكون التفاوت يسيرا غير قادح.
ولاوجه أيضا لاحتمال كون المراد من قوله (عليه السلام): مثلا بمثل العنب بالعنب والزبيب بالزبيب. ولعمري أن طرح الخبر أهون من حمله على هذه المحامل.
ثم الظاهر من التعليل - على فرض العمل بعمومه - أن المناط في المنع هو النقص الحاصل في أحد العوضين بعد البيع، سواء كان بالجفاف أو التجفيف، بل أو بالرطوبة واليبوسة وغير ذلك، فلازمه عدم جواز بيع الحليب بالجبن أو الأقط مثلا بمثل; لأنه إذا جعل جبنا أو أقطا ينقص، وكذا بيع التمر أو العنب بدبسهما لأنهما ينقصان بجعلهما دبسا، بل وكذا بيع الحنطة والشعير بالسويق وزنا لأنهما ينقصان بذلك، وكذا في أمثال المذكورات مع أنهم لا يلتزمون فيها بالمنع، وكذا إذا فرض زيادة أحد العوضين على الآخر حال البيع مع عدم حصول النقص في الآخر; فإن اللازم من التعليل عدم جواز بيع أحدهما بالآخر، مع أن الظاهر عدم التزامهم به، فلا يمكن العمل بعموم العلة. نعم لا بأس بجعله مناطا في الكراهة أو حكمة في الحكم في خصوص المورد، وكيف كان فالأقوى ما ذكرنا من الجواز مطلقا.
(مسألة 47): إذا باع رطبا بمثله فضولا وأجاز المالك بعد جفاف أحدهما