وأما الأخبار (1) المستدل بها على القول الثالث فمضافا إلى ضعف جملة منها وعدم القائل بها، حتى أن المحقق في الشرائع بعد نقل القول قال: هو مطرح لا دلالة لها على ما نحن فيه (2) ونحوه مما هو من مجعولات غير الشارع، فإن التعيين الشرعي إنما يرجع إليه في أحكام الشرع - مثل تأكد استحباب حضور المسجد لجاره، ومثل استحباب حسن الجوار، ومثل فضل مجاورة قبور الأئمة ونحوها - لا في مجعولات الناس مثل الوقف والوصية والنذر والحلف ونحوها، خصوصا مع عدم التفات الواقف إلى المعنى الشرعي بل قد يكون قصده أقل أو أزيد.
ثم إن الجار هو الساكن في الجوار سواء كان مالكا أو مستأجرا أو مستعيرا بل أو غاصبا، ولا فرق بين أهل البلدان والقرى، وبين أهل البوادي من سكان الخيم والطراف والأكواخ، ولو كان له منزلان أحدهما في الحد دون الآخر، فإن كان يسكنهما مترددا فيهما يثبت حكم الجوار بالنسبة إلى ما في الحد، وإن كان سكناه في أحدهما لكن يتردد في الآخر أيضا كان المدار على دار سكناه، وإن كان يسكنهما بالتناوب بحسب الفصول، فالظاهر صدق الجوار بالنسبة إلى ما في الحد، ولو غاب بقصد الرجوع لم يخرج عن الصدق خصوصا مع بقاء عيالاته إلا إذا طالت مدة غيبته; والظاهر أن القسمة على الجيران على الرؤوس لا على الدور أو صاحب العيال، إلا مع تعيين كيفية خاصة.
(مسألة 27): لو وقف على مسجد، صرف مع الإطلاق في تعميره مع الحاجة، ثم في ضوئه وفرشه وخادمه مع الحاجة، وإن زاد يعطى لإمامه لأنه تعمير معنوي، ومع عدم الحاجة إلى المذكورات ولو فيما سيأتي