وافقني أمس على أنه * يقول بالجنة والنار وأنه لا عاد من بعدها * يصبو إلى مذهب بكار فهذه شهادة معتبرة يحسن الاحتجاج بها على تدين أبي العلاء صريحة بوقوع الاجتماع بين الشاعرين وذلك قبل نظمها بتاريخ قريب كما أنها تشعر بان المجلس كان مجلس مناظرة أو محاورة بين الرجلين. أما أين تم هذا الاجتماع ومتى فهذا من جملة الأمور المجهولة.
أما مذهب بكار في البيت الثالث من أبيات الصوري فهكذا وجدناه في النسخة ولعل الصواب مذهب بشار وهو الشاعر الأعمى المشهور المعدود من الملاحدة. أما بكار فهو من جملة القضاة.
أصحابه وشعراء عصره شعراء عاصروا الصوري في مصر والشام غير قليلين ولكن عدد الذين لقيهم أو الذين جرى بينه وبينهم ما يجري من مراسلات ومشاعرات قليلون ومنهم أبو العلاء المعري وابن وكيع الشاعر التنيسي المصري المتوفى سنة 393 أرسل إليه قصيدة وأحمد بن سليمان النحوي أو الفخري.
ومن الشعراء الذين سماهم في ديوانه الشيخ أبو القاسم الحسين بن ضحى مشى خلف جنازته فرأى جارية ناشرة شعرها وهي بقفطان وقناع أحمر وله في ذلك بيتان ومن هؤلاء ابن بشر الشاعر ولا يعلم عنه أكثر من ذلك ومن الشعراء الذين خالطهم عبد الله بن العذري الشاعر جمع بينهما مجلس الأمير أبي الجيش حامد بن ملهم في بيروت ومنهم الشاعر المكتني بابن الموازيني.
ابن القوالة ومن اعلام عصره أدبا وشعرا الأستاذ عبد الله المعروف بابن القوالة وهو من أهل الرملة ومن فحول شعراء الشام في ذلك العصر وبينهما مراسلات ومشاعرات كثيرة وابن القوالة هذا هو الذي كتب إلى الصوري في بعض جواباته:
لا تسلني وسل اخلاي عني * أنا في خلطتي بحيث التمني لك ودي وعشرتي وافتقادي * وانقيادي وما تخيرت مني أمثاله علاج الأهواء وعالجته من هوى عزمة * إن العزيمات أطباء المال والحمد وفي الناس مال بلا باذل * كثير وحمد بلا كاسب بين الأقوال والأفعال والمعالي ما بين فعل وقول * بين مستكره إلى مستحب الشعر والشعر ما طالت معا * نية وإن قصر النشيد مجاهدة النفس كل امرئ نفسه عدوته * لكنه قل من يجاهدها الشعر الخالد الشعر يبقى بيننا كلما * خط على أثواب عرض نقي المعالي والمساعي وتكاليف وليس ال * سجود الا في الطباع وبعيدات المعالي * في بعيدات المساعي أصناف الناس الناس صفان فمسترفد * مالا ولاقيك بافضاله فواحد ينفق من وجهه * وآخر ينفق من ماله من معانيه البديعة في الشيب وناجمة أنذرتني الغروب * فليت الغروب على الناجم تضئ وباطنها مظلم * كما زخرفت حجة الظالم رقة الأخلاق ألقى على الشعر جزء من خلائقه * فرق في الطرس حتى كاد ينسكب هجاء أخ بخيل عملها في أخيه عبد الصمد وأخ مسه نزولي بقرح * مثلما مسني من الجوع قرح فابتداني بقول وهو من السكرة * بالهم طافح ليس يصحو لم تغربت قلت قال رسول الله * والقول منه نصح ونجح سافروا تغنموا فقال وقد قال * تمام الحديث صوموا تصحوا وله:
أسماء قوم كالحروف دليلها * في غيرها ودليلها ما يحضر من حبهم أن لا يجودوا أنهم * ودوا لو افتقروا لئلا يقدروا وله:
وصناعتي عربية وكأنني * القي بأكثر ما صنعت الروما فلمن أقول وما أقول وأين لي * فأسير أو لا أين لي فأقيما وله:
كان ذم الشام مذ كنت شاني * فنهتني عنه دمشق الشام بلد ساكنوه قد جعلوا الجنة * قبل الحساب دار مقام برياض أوصافها أبد الدهر * تراها رياضة الافهام لم تفضل بطيبها جنة الخلد * عليها بل فضلت بالدوام العزلة أنست بوحدتي حتى لو أني * رأيت الأنس لاستوحشت منه ولم تدع التجارب لي صديقا * أميل إليه إلا ملت عنه