عبد الله قد توفي في حياة الإمام الصادق أيضا كأبيه، والا لوجب ان يعد من أصحاب موسى بن جعفر الكاظم، في حين اننا لا نجد له ذكرا في أصحاب الإمام الكاظم. ويؤكد هذا الايحاء، ويجعله أمرا ثابتا، ما نص عليه ابن حجر في كتاب التقريب فقد ذكر عبد الله بن ميمون وعده في الطبقة الثامنة من رجال الحديث، وهذا يعني انه قد مات بعد سنة مائة للهجرة.
فإذا علمنا أن الإمام محمد الباقر قد توفي سنة مائة واحدى عشرة، وان الامام جعفرا الصادق قد توفي سنة مائة وثمانية وأربعين للهجرة، يتضح لنا ان عبد الله بن ميمون قد مات قبل سنة 148 ه.
وإذن فميمون بن الأسود القداح المكي وابنه عبد الله عاشا في أخريات القرن الأول الهجري. وماتا قبل منتصف القرن الثاني الهجري.
هذا هو العصر الذي عاش فيه الرجلان المسلمان الشيعيان المصاحبان لثلاثة من أئمة أهل البيت: ميمون بن الأسود القداح المكي مولى بني مخزوم وابنه عبد الله.
أما العصر الذي عاش فيه ميمون بن ديصان القداح وابنه عبد الله اللذين تتحدث عنهما كتب الفرق، فهو عصر آخر.
1 الشهرستاني يقرر ان أصل دعوة القرامطة ظهور ميمون القداح في الكوفة سنة 176 ه وهذا يعني ان ميمونا القداح الأب كان حيا نشيطا عاملا في تنظيم الخلايا السرية في الربع الأخير من القرن الثاني الهجري في العراق.
في حين اننا نجد ان الرجل المسلم الشيعي ميمون بن الأسود المكي كان يعيش في مكة مصاحبا للامام زين العابدين علي بن الحسين في الربع الثالث من القرن الأول الهجري.
2 محمد بن مالك اليماني قرر في كتابه: كشف اسرار الباطنية ان عبد الله بن ميمون القداح قد التقى بقرمط حمدان بن الأشعث الذي خرج سنة 264 ه، واتفق وإياه على مذهب واحد وخطة واحدة.
وهذا يعني ان عبد الله بن ميمون كان حيا عاملا نشيطا في تنظيم الخلايا السرية في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري.
في حين اننا نجد ان عبد الله بن ميمون بن الأسود المكي الراوي الشيعي لم يعش إلى ما بعد منتصف القرن الثاني الهجري، فقد صحب الأب وابنه الامامين: الباقر والصادق، وثانيهما توفي سنة 148 ه كما ذكرنا.
3 البغدادي قرر في كتابه الفرق بين الفرق: الذين أسسوا دعوة الباطنية جماعة منهم ميمون بن ديصان المعروف بالقداح... أسس مع آخرين دعوة الباطنية في سجن والي العراق... ورحل ميمون بن ديصان إلى ناحية المغرب... وذكر أصحاب التواريخ ان دعوة الباطنية ظهرت أولا في زمان المأمون وانتشرت في زمان المعتصم ص 169 170.
ان المأمون بويع بالخلافة في أوائل سنة 204 ه واستمرت خلافته إلى منتصف سنة 218 ه حين بويع المعتصم الذي استمرت خلافته إلى الربع الأول من سنة 227 ه.
وإذن، فنص البغدادي يقضي بان يكون ميمون القداح قد عاش في الربع الأول من القرن الثالث الهجري وقد اتضح بطلان هذا من تحليل ما ذكره اليماني.
ولو فرضنا ان عبد الله بن ميمون عاش بعد وفاة الإمام الصادق فلا نستطيع ابدا ان نقنع بأنه عاش إلى ما بعد سنة 176 ه حيث كان يعمل وينظم.
هذا مع ملاحظة ان الذي نص الشهرستاني على أنه خرج بدعوة القرامطة سنة 176 ه في الكوفة هو ميمون القداح وليس ابنه عبد الله.
وان الذي نص الفقيه اليماني على أنه التقى بحمدان قرمط سنة 264 هو عبد الله الابن وليس ميمونا الأب.
ان هذه المقارنات تكشف لنا بوضوح اختلاف عصر الشخصيتين.
مع ملاحظة ثبات عصر الراوي الشيعي ووضوحه، إلى جانب اضطراب العصر الذي تحدده كتب الفرق للداعية القرمطي. وهكذا تؤدي بنا هذه المقارنة إلى الجزم بان ميمونا القداح المكي وابنه عبد الله ليسا مسؤولين عن النشاط القرمطي الذي تتحدث عنه كتب الفرق. وان المسؤول عن هذا النشاط لا بد ان يكون شخصا آخر غير ميمون بن الأسود القداح المكي مولى بني مخزوم وابنه عبد الله.
بقيت ملاحظة أخيرة حول شخصية عبد الله بن ميمون بن الأسود القداح المكي، فقد ذكر الكشي عمر بن عبد العزيز في كتاب الرجال ط نجف ص 333 عن جبرئيل بن أحمد قال سمعت محمد بن عيسى يقول: كان عبد الله بن ميمون يقول بالتزيد.
وقد قيل في معنى هذا ان ميمونا كان يعظم ذكرى زيد بن علي بن الحسين. أو انه كان يرى رأي الزيدية في وجوب الجهاد والثورة. ومن المؤكد ان هذه الرواية لا تدل على أن عبد الله كان زيدي المذهب، والا لقيل عنه زيدي.
وعلي اي حال، فقد طعن العلامة الحلي في سند الرواية بأنه ضعيف رجال العلامة ط نجف ص 108 وبذلك تسقط الرواية عن مستوى الدليل المعتمد، على أنه ليس فيها كما ذكرنا دلالة على الطعن في عبد الله بن ميمون.
ان الشخصية المسلمة الشيعية: عبد الله بن ميمون بن الأسود القداح المكي مولى بني مخزوم، صاحب الامامين: الباقر والصادق تختلف عن الشخصية التي تتحدث عنها كتب الفرق: عبد الله بن