ما خلف هو كتاب البيان في غريب القرآن وقد صدر منه الجزء اجزاء مخطوطة. الأول في سنة 1955 وظلت أربعة.
وكتاب البيان هو عبارة عن حصر الألفاظ الغريبة من القرآن الشريف وشرحها شرحا مبسطا سهلا في أرجوزة من الشعر السلس أذكر منها على سبيل المثال قوله:
وفسروا القثاء بالخيار * أو ما يضاهيه من الأثمار وقيل مطلق الحبوب الفوم * أو قمح أو خبز وقيل الثوم باؤا بمعنى انصرفوا أو رجعوا * وهي لغير الشر ليست نسمع والصابئين من هم قد خرجوا * عن دينهم وفي سواه ولجوا وكل هذه الأرجوزة على هذا النمط من الشعر السهل المبسط.
ومن هذا وغيره يلمس القارئ قدرته على صياغة الشعر الذي يجعل منه أداة أطوع من النثر في التعريف والشرح.
ثم يصف الخليلي ولائمه لاخوانه فيقول:... ويمتد خوان كبير يحوي غالبا شيئا من طبيخ الماش وتحلو هنالك النوادر الأدبية ويكون هو المجلي دائما لما عرف به من سرعة البديهة وسرعة الخاطر وحلاوة النكتة وهذا مقطع في وصف جانب من تلك الصختيات:
وكيفما كان فولى البرد * وجلس الاخوان واستعدوا حول خوان مد من قماش * قد زانه صحن طبيخ الماش وكأسة من لبن لذيذ * أشبه ما يكون بالنبيذ والدبس ما بينهما ينادي * إياكم ان تكفروا بالزاد لست أنا مذهب كلب جان * مذهب كلب كل من سماني فاكل الرفاق في شهية * ولطعوا الصحون والصينية ثم يذكر الخليلي أبياتا من قصيدة أرسلها من فينة عاصمة النمسا حين ذهب إليها مستشفيا من دائه الذي توفي به:
طبعت على حسن الطبيعة * في عجائب من صور فالماء من شمس الضحى * بردا تصبب كالمطر بلد تخال سماءه * في ارضه عند النظر لله من ظبياته * في الحسن ازرت بالزهر ثم يقول الخليلي: وحين مات انهار اخر بيت من بيوت النجف التي عرفت بذلك النحو من الجمع بين الفضيلة والأدب والمرح الذي عرفت به النجف في الأجيال الماضية.
وقال المترجم في أحد مجاميعه الشعرية:
وحيث سمحت لي الظروف بزيارة المدينة الزاهية جباع الحلاوة وطن أجدادي الكرام وباقي العلماء الأعلام الذين كان في طليعتهم الحر العاملي والشهيد الأول وصاحب المعالم والمحقق الثاني اعلام الدين وامناء المسلمين قدس الله تعالى اسرارهم فقد راقتني مناظرها البديعة ومواردها الهنيئة واشجارها الباسقة وأثمارها اليانعة ومنابعها الكثيرة التي قد قيل إنها بعدد أيام السنة فاستحسنت ان أصف هذه المدينة الزاهرة في مقدمة هذه العلوية الأولى (1):
بوركت يا جباع ذات الشجر * حياك منهل من الحيا المنهمر جباع جنات وصافي مائها * يمتد من سلسال عذب الكوثر وعينها من الصفيح سيبها * أم عذبات الشجر الصنوبري والعيزقان ضاع بين غردل * والقلب ضاع بينها بالسمر والكرم يزدان جمالا طافحا * قد شيب قاني وشيه بالعصفر والتين كالزيتون ان أقسم في * ابداعه خالقه فاجدر والزيت في الزيتون مثل صرخد * في أكؤس من الزجاج الأخضر وقدس الصبير فهو جنة * حفت به مكاره من أبر والمشمش الفاقع في اكمامه * مثل كرى التبر بكفي جؤذر ولو ترى اليقطين ممتدا بها * غبطت ذا النون بذاك المنظر واللوز قد بث حياة في الورى * كانت ملاكا لحياة الخضر البندورة التي شاهدتها * مثل قوارير الرحيق الأحمر والمندل الرطب بجنب مرجه * قد فاح في ارض زهت بالدرر جلله سفرجل أسفر عن * خد تجلى بأريج العنبر جباع يا عروس لبنان فذا * النثار بعض درك المنتثر رأيت في قبيها جداولا * بطون حياة سرت في الجزر خمائل الرياض ما أبدعها * بين جباع في جمال المنظر في سدرها المخضود بل في طلحها * المنضود بل في طيبها المنتشر أما الضراح الأرفع الأعلى ففي * صافي العلى أعظم به وأكبر وقد طبع من شعره مجموعة سماها العلويات العشر تحتوي على عشر قصائد في مدح أمير المؤمنين ع ختمها بارجوزة قدم لها بما يلي:
ولا غرو إذا اتبعنا هذه القصائد بارجوزة تشتمل على نسب الناظم فإنه سلسلة انتظمت واتصلت حلقاتها من العلماء الأعلام ومن أشهر موالي أهل البيت عليهم الصلاة والسلام.
وإننا نأخذ فيما يلي في بعض ما جاء في هذه الأرجوزة:
يقول راجي ربه ذي المنن * المذنب القاسم نجل الحسن لما نظرت لعلا أجدادي * وكلهم سلسة الرشاد قد أجهدوا الأقلام تأليفا وما * أكثر من قد أعقبوا من علما رأيت من واجب حقهم بان * أذكرهم في كل معروف ومن مترجما أفرادهم بالفضل * وذاكرا أعلامهم بالعدل قد ترجمها حجج فطاحل * كالحر والأمين وهو الفاضل (2) ذاك خضم العلم في دمشق * ومرشد الناس لدين الحق آثاره آيات وحي قد بدت * لها التصانيف جميعا سجدت أفضلها المجالس السنية * وكلها صحيحة مروية تضئ من معادن الجواهر * أنوارها في أفق المفاخر وقد نفى بروضة الأريض * لواعج الأشجان عن مريض فهو جناح ناهض في الحق * أشرق للحبر بنور الصدق يريك بالتنزيه خير حجه * تهدي الورى لواضح المحجه ودره المنثور في الفرائد * على نحور الحور والخرائد