أرجان وغيرها من بلاد خوزستان، وسار أبو علي بن إسماعيل إلى شيراز فنزل بظاهرها، فخرج إليه ابنا بختيار في أصحابهما فحاربوه فلما اشتدت الحرب مال بعض من معهما إليه ودخل بعض أصحابه البلد ونادوا بشعار بهاء الدولة وكان النقيب أبو أحمد الموسوي بشيراز قد وردها رسولا من بهاء الدولة إلى صمصام الدولة، فلما قتل صمصام الدولة كان بشيراز، فلما سمع النداء بشعار بهاء الدولة ظن أن الفتح قد تم وقصد الجامع وكان يوم الجمعة وأقام الخطبة لبهاء الدولة، ثم عاد ابنا بختيار واجتمع إليهما أصحابهما فخاف النقيب، فاختفي وحمل في سلة إلى أبي علي بن إسماعيل، ثم أن أصحاب ابني بختيار قصدوا أبا علي وأطاعوه فاستولى على شيراز، وهرب ابنا بختيار، وكتب أبو علي إلى بهاء الدولة بالفتح، فسار إليها ونزلها، فلما استقر بها أمر بنهب قرية الدودمان واحراقها وقتل كل من بها من أهلهم فاستأصلهم، فاخرج أخاه صمصام الدولة وجدد أكفانه وحمل إلى التربة بشيراز فدفن بها، وسير عسكرا مع أبي الفتح أستاذ هرمز إلى كرمان فملكها وأقام بها نائبا عن بهاء الدولة. وفي سنة 390 كان أبو نصر بن بختيار لما انهزم من عسكر بهاء الدولة ملك جيرفت وأكثر كرمان فعظم الامر على بهاء الدولة، فسير إليه الموفق علي بن إسماعيل فقتله واستولى على بلاد كرمان وعاد إلى بهاء الدولة فخرج بنفسه ولقيه وأكرمه وعظمه فاستعفى الموفق من الخدمة فلم يعفه بهاء الدولة فالح كل واحد منهما فأشار أبو محمد بن مكرم على الموفق بترك ذلك فلم يقبل فقبض عليه بهاء الدولة واخذ أمواله ثم قتله سنة 394 وفي سنة 390 استعمل بهاء الدولة أبا علي الحسين بن أستاذ هرمز على خوزستان فعمرها ولقبه بهاء الدولة عميد الجيوش وحمل إلى بهاء الدولة منها أموالا جليلة. وفي سنة 391 سار طاهر بن خلف بن أحمد صاحب سجستان إلى كرمان وبها عسكر بهاء الدولة وهي له، فاجتمع من بها من العساكر إلى المقدم عليهم والمتولي أمر البلد وهو أبو موسى فقالوا أن هذا الرجل قد وصل وهو ضعيف والرأي أن تبادره قبل أن يكثر جمعه، فلم يفعل واستهان به فكثر جمع طاهر وملك جيرفت وغيرها، فقصده أبو موسى والديلم فكاتبوا بهاء الدولة فسير إليهم جيشا عليهم أبو جعفر بن أستاذ هرمز فسار إلى كرمان وقصد بهم وبها طاهر فجرى بين طلائع العسكرين حرب وعاد طاهر إلى سجستان وفارق كرمان. وفي سنة 392 لما سار أبو جعفر بن أستاذ هرمز عن بغداد اختلت الأحوال بها وظهر أمر العيارين واشتد الفساد وقتلت النفوس ونهبت الأموال وأحرقت المساكن، فبلغ ذلك بهاء الدولة فسيره إلى العراق، فوصل إلى بغداد فأقام السياسة ومنع المفسدين فسكنت الفتنة وامن الناس. وفي سنة 393 وقعت حرب بين أبي علي ابن أبي جعفر أستاذ هرمز عميد الجيوش وبين أبي جعفر الحجاج وكان أبو جعفر نائبا عن بهاء الدولة بالعراق ثم استناب بعده عميد الجيوش فجمع كل منهما جمعا واقتتلوا قتالا عظيما، فانهزم أبو جعفر فلما امن أبو علي سار من العراق إلى خوزستان واتاه الخبر أن أبا جعفر قد عاد إلى الكوفة. فرجع إلى العراق وجرى بينه وبين أبي جعفر منازعات وحرب، فبينما هم كذلك ارسل بهاء الدولة إلى عميد الجيوش يستدعيه فسار إليه إلى خوزستان لأجل ابن واصل كما يأتي. وفيها اشتدت الفتنة ببغداد وانتشر العيارون والمفسدون فبعث بهاء الدولة عميد الجيوش إلى العراق ليدبر امره، فوصل بغداد فزينت له وقمع المفسدين ومنع السنية والشيعة من اظهار مذاهبهم، ونفى بعد ذلك ابن المعلم فقيه الامامية الشيخ المفيد فاستقام البلد. وفي سنة 394 غلب أبو العباس بن واصل على البطيحة واخرج مهذب الدولة، وكان مهذب الدولة متزوجا ابنة الملك بهاء الدولة فهرب مهذب الدولة إلى واسط وأصعدت زوجته ابنة الملك بهاء الدولة إلى بغداد، ووكل ابن واصل بدارها من يحرسها، ثم جمع كل ما فيها وأرسله إلى أبيها، فلما سمع بهاء الدولة بمال أبي العباس وقوته خافه على البلاد، فسار من فارس إلى الأهواز لتلافي امره، واحضر عنده عميد الجيوش من بغداد، وجهز معه عسكرا كثيفا وسيرهم إلى أبي العباس، فاتى إلى واسط وعمل ما يحتاج إليه من سفن وغيرها، وسار إلى البطائح وفرق جنده في البلاد وسمع أبو العباس بمسيره إليه، فاصعد إليه من البصرة، وأرسل يقول له ما أحوجك تتكلف الانحدار وقد اتيتك فخذ لنفسك، ووصل إلى عميد الجيوش وهو على تلك الحال من تفرق العسكر عنه، فلقيه بالصليق فانهزم عميد الجيوش ولقي شدة إلى أن وصل إلى واسط وذهب ثقله وخيابه وخزائنه، فأخبره خازنه أنه دفن في الخيمة ثلاثين ألف دينار وخمسين ألف درهم فانفذ أحضرها فقوي بها، وأقام بواسط وجمع العساكر عازما على العود إلى البطائح. وفيها قلد بهاء الدولة النقيب أبا احمد الموسوي والد الشريف الرضي نقابة العلويين بالعراق وقضاء القضاة والحج والمظالم، وكتب عهده بذلك من شيراز، ولقب الطاهر ذا المناقب، فامتنع الخليفة من تقليده قضاء القضاة وامضى ما سواه. وفي سنة 395 ارسل إلى بغداد واحضر مهذب الدولة وسير معه العساكر في السفن إلى البطيحة فلقيه أهل البلاد وسروا بقدومه، واستقر عليه لبهاء الدولة كل سنة خمسون ألف دينار وسار ابن واصل وعسكره إلى الأهواز، فجهز إليه بهاء الدولة جيشا في الماء، فالتقوا بنهر السدرة فاقتتلوا وخاتلهم أبو العباس وسار إلى الأهواز، وتبعه من كان قد لقيه من العسكر فالتقوه بظاهر الأهواز وانضاف إلى عسكر بهاء الدولة العساكر التي بالأهواز فاستظهر أبو العباس عليهم ورحل بهاء الدولة إلى قنطرة اربق عازما على المسير إلى فارس، ودخل أبو العباس إلى دار المملكة واخذ ما فيها من الأمتعة والأثاث الا أنه لم يمكنه المقام لان بهاء الدولة كان قد جهز عسكرا ليسير في البحر إلى البصرة فخاف أبو العباس من ذلك وراسل بهاء الدولة وصالحه وزاد في اقطاعه وحلف كل واحد منهما لصاحبه وعاد إلى البصرة وحمل معه كل ما اخذه من دار بهاء الدولة ودور الأكابر والقواد والتجار وفي هذه السنة سير عميد الجيوش عسكرا إلى البندنيجيين، وجعل المقدم عليهم قائدا كبيرا من الديلم، فلما وصلوا إليها سار إليهم جمع كثير من الأكراد فاقتتلوا، فانهزم الديلم وغنم الأكراد رحلهم ودوابهم وجرد المقدم عليهم من ثيابه، وفيها قلد بهاء الدولة الشريف الرضي نقابة الطالبيين بالعراق ولقب بالرضي ذي الحسبين، ولقب اخوه المرتضى ذا المجدين. وفي سنة 397 توفي قلج حامي طريق خراسان فجعل عميد الجيوش على حماية الطريق أبا الفتح ابن عناز، وكان عدوا لبدر بن حسنويه، فحقد ذلك بدر، فاستدعى أبا جعفر الحجاج وجمع له جمعا كثيرا، وكان الأمير أبو الحسن علي بن مزيد الأسدي قد عاد من عند بهاء الدولة بخوزستان مغضبا، فاجتمع معهم فزادت عدتهم على عشرة آلاف، وكان عميد الجيوش عند بهاء الدولة لقتال أبي العباس ابن واصل، فسار أبو جعفر ومن معه إلى بغداد ونزلوا على فرسخ منها وأقاموا شهرا، وببغداد جمع من الأتراك معهم أبو الفتح ابن عناز، فحفظوا البلد، فبينما هم كذلك اتاهم خبر انهزام أبي العباس وقوة بهاء الدولة، ففت ذلك في اعضادهم فتفرقوا وراسل أبو جعفر في اصلاح حاله مع بهاء
(٤٣٠)