يديه ويعتذر ويقول إنه لم يصدر مني إليكم ما استحق به المدح وانما صدر ما استحق به الذم ومع ذلك مدحتني عند الباشا كثيرا فقال له الجد هكذا أمرنا ان نحسن إلى من أساء إلينا فكان المتسلم بعد ذلك لا يعدو أمره في كل شئ وكان جريا على امراء جبل عامل مهيبا في صدورهم يحتملون منه ما لا يحتملون من غيره وكان غاية في علو النفس وإباء الضيم فمما هو معروف عنه من هذا القبيل انه كان كما مر يكتب إلى الفقراء من تلامذته إلى بعض القرى باعطائهم من الزكاة فسمع مرة عن بعض أهل تلك القرى أنه قال ما تكفينا خيل الحكام حتى تجيبنا تلامذة السيد علي الأمين فلما بلغه ذلك قال لتلامذته من كان عنده كفاية فليبق عندي ومن ليس له كفاية فليذهب يكسب لا أكلف أحدا لكم بعد اليوم شيئا ومنها انه رأى جمالا محملة فسال عنها فقيل أنها مرسلة من قرية الجميجمة لأخيك السيد احمد فأعطاه مزرعة دوبيه ونهاه أن يقبل من أحد شيئا وتقلد منصب الإفتاء من قبل السلطان بعنوان مفتي بلاد بشارة كما كان هذا المنصب لأبيه ولولده بعده السيد محمد الأمين كما يأتي ويقال انه لما بلغه وفاة شيخه الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء قدس سره ورجوع الناس بعده إلى تلامذته قال الآن وجب علي الإفتاء لأني اعلم أنه لم يكن في تلامذته من هو أفضل مني وقيل إنه لما بلغه وفاة الشيخ موسى ابن الشيخ جعفر قال الآن وجبت علينا الفتيا. وكان من رأيه وجوب تقليد الأعلم وعن الشيخ خضر شلال رحمه الله من تلامذة الشيخ جعفر أنه قال سافر السيد علي الأمين إلى جبل عامل وهو أفضلنا وبقي مدة عمره مشغولا بالتدريس والتصنيف والحكم بين الناس وإفتاء المستفتين. وكانت مدرسة شقرا التي أسسها جده السيد أبو الحسن حافلة في عهده بالطلبة والعلماء وتخرج عليه جملة من أفاضل العلماء منهم الشيخ علي زيدان والشيخ علي مروة والشيخ صادق والشيخ إبراهيم بن يحيى وغيرهم.
مؤلفاته له من المؤلفات شرح منظومة بحر العلوم لم يكمل وهو مع اختصاره يدل على فضل عظيم وتبحر في الفقه كثير واختار فيه كفاية الثلاثة أشبار في الابعاد الثلاثة في الكسر قائلا والإنصاف ترك الإنصاف ولما شرح المنظومة المذكورة قال بعض تلامذته وهو الشيخ علي مروة يمدحه من قصيدة تذكر في ترجمته:
أبا معشر الطلاب قرت عيونكم * فقد برزت من خدرها درة المهدي وقد لبثت حينا من الدهر في الخبا * محجبة تشكو من اليتم في المهد وله رسالة في التوحيد ورسالة في الحيض وحواش على شرح الصغير مختصر شرح الكبير المعروف بالرياض كلاهما لإستاذه السيد علي الطباطبائي وعلى تلك النسخة خط أستاذه المذكور وقد وقفها عليه وكتابات أخر رأيتها بخطه لم تكمل ولم تخرج إلى المبيضة.
من ذكره من المؤلفين ذكره صاحب الجوهر المجرد الشيخ علي سبيتي فقال:
كان من العلماء المحققين والفضلاء المدققين علامة عاملة وشمس فضلها على الاطلاق ارتقى أعلى درجات المعارف حتى غدت ساحة فضله كعبة لكل قاصد بجلالة ووقار وشرف واعتبار وكان هذا السيد مرموقا بالمهابة والتبجيل من جميع أهالي عاملة مشهودا له بالفضل الأول ومن حينما وفد من العراق كانت أمور البلاد مشوشة لما لحقها من الوهن بأيام الحاج احمد باشا الجزار فعبد الله باشا اعتنى بأمر السيد ومسك بضبعه وقدمه وأكرمه واحترمه ولما تعلق بالسيد أعطاه مزرعة الصوانة اقطاعا وكتب له بها صكا وكتب في آخره فمن عارضه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين وكان ذلك سنة 1237 والمرسوم باسم فارس الناصيف. ولما تنمر الأمير بشير الشهابي لأهل جبل عامل وأغرى بعضهم ببعض تقدم لالتزام قرى المعيشة التي أعطتهم الدولة إياها عوضا عن أملاكهم وكان من جملة اللذين أصابهم ذلك السيد بالصوانة فعندها ركب السيد إلى عكا وطالبه بعهده وكان شديد الجرأة عليه ومدحه بقصيدة منها:
أبيت اللعن أنت رسمت لعنا * لاخذها إلى يوم المعاد فردها عليه بمرسوم ثان وكتب اللعنة على من أخذها منه وهي الآن بيد ابنه السيد محمد.
وقال أيضا: ان السيد علي الأمين بعد خروجه من حبس عكا الصواب انه لم يكن محبوسا بعكا وانما كان رهينة عند الجزار هاجر إلى العراق وقرأ على الشيخ جعفر وعلى صهره الشيخ أسد الله حتى مهر وأقر له بالفضل الشيوخ الكبار فرجع إلى البلاد وتمت له الرياسة ولم يكن حينئذ في البلاد أحد ينازعه فسلمت إليه المقاليد وانتهت إليه الرياسة ودرس في العلم فهاجر إليه الطالبون فسمع من بعض أهالي البلاد كلمة أغاظته فترك التدريس واستراح إلى تعليم الشيخ علي الزيداني لأولاده وكان دائما في زيارة اخوانه اه والكلمة التي سمعها انه كان يكتب للطلبة إلى بعض القرى باعطاء شئ من الزكوات فقال رجل نريد ان نكفي خيالة حمد بك وتلامذة السيد علي الأمين فلما بلغه ذلك قال للطلبة من كان يقدر على معاشه فليبق ومن كان لا يقدر فاني لا اكتب إلى أحد بعد هذا فتفرق أكثر الطلبة.
وذكره السيد محمد بن معصوم في تلامذة السيد المتبحر السيد عبد الله شبر الكاظمي فقال: ومنهم العالم العامل الفاضل المدقق الكامل المتبحر الماهر التقي النقي السيد علي العاملي فإنه لما هاجر من بلاد الجبل إلى العراق للاشتغال ورد إلى مشهد الكاظمين ع فقرأ جملة من العلوم على سيدنا المذكور وله شرح منظومة السيد محمد مهدي الطباطبائي. وفي تكملة أمل الآمل: وبيت السيد الشريف السيد علي الأمين في شقراء من قرى جبل عامل بيت علم وجلالة وفضل وسيادة خرج منهم جماعة من العلماء والفضلاء، والعلم والفضل باقيان بعد في هذا البيت الشريف اه.
وفي بعض المخطوطات العاملية في التاريخ انه في جمادى الأولى سنة 1203 زوج السيد محمد الأمين ولده السيد علي بنت الشيخ إبراهيم تاج الدين.
مرسوم عبد الله باشا ومرسوم إبراهيم باشا وكان لأبيه السيد محمد امين أربعة فدن في شقرا معاشا من الحكومة بصفته مفتيا لبلاد بشارة معينا من قبل الحكومة وبعد وفاة والده المذكور عين