فرحت أخوض بحرا من دموعي * زيادته إذا عصف انتحابي وقال:
شكوت إليها يوم ودعتها وجدي * فألفيت منه عندها فوق ما عندي وما زالت الأجفان تنثر دمعها * على خدها طورا وطورا على خدي فلو لا النوى ما كنت انظر طرفها * ينضح ماء الورد منها على الورد وله:
مر بنا يبسم عن جوهر * مفصل الأبيض بالأحمر أهيف لولا خط حورية * تحيرت من طرفه الأحور فقلت إذ قابلني صدغه * من نثر الجزع على المرمر فقال لي عطار خدي اشتهى * ان يخلط الكافور بالعنبر وقال:
قالوا التحى فانقطع عن عشقه * فقلت لم فخري ان اعشقه هويته والخد منه بلا * طرز لديباجته المشرقة فكيف إذ عنبر كافوره * وأصبحت فضته محرقة 4 الفخر: نجد الفخر مبثوثا بين تضاعيف ديوانه، والفخر صفة من صفات الكرامة الإنسانية إذا صدرت عن نفس حرة أبية، تضيف إلى نسبها الشامخ مكارمها الغر، واعمالها الجليلة، والا يعتبر من باب المباهاة الفاشلة، والا دعاء الكاذب الممقوت. وفخر العقيلي فخر لا يرجعه إلى نفسه، بقدر ما يرجعه إلى تلك الدوحة الباسقة من آل بيته، وهم منارة على شاطئ الحياة العربية، تشع بطولة، وانتفاضا، وعزة، ومجدا.
اني لمن أهل بيت شم العرانين غر * من يلقهم وهو ظام إلى نوال وبر فإنما هو منهم ما بين غيث وبحر وقال:
نحن بنو المعجزات والحكم * وأهل بيت السماح والكرم قوم إذا ماء الرجاء يممهم * قال له جودهم على قدم تأمن عز المقيم بينهم * من أن ترى قبح صورة العدم ان جمع المجد أدركوه * على ما ركبوا من سوابق الهمم فلا تقسهم بغيرهم ابدا * فلن تكون الأنوار كالظلم وقال:
انا لنبني على ما أسسته لنا * اباؤنا الغر من مجد ومن كرم لا يرفع الضيف رأسا في منازلنا * الا إلى ضاحك منا ومبتسم اني وإن كان قومي في الندى علما * فإنني علم في ذلك العلم 5 المدح: لم أجد في ديوانه من قصائد المدح الا ما ندر، ولم يمدح؟
ما دام يعيش في وفرة من العيش، وفي دنيا من الرفاهية! وهل يطري الوزراء وهو أعظمهم شانا، أو يتقرب للخلفاء وهو من جذور تربتهم، وأغصان شجرتهم؟!
وقد لمست مدحه يخص به بعض اقرانه ومحبيه، في أول ديوانه وفي اخره.
قال:
يا سيدا ما ثنى عنانا * مذ كان عن سمعه الثناء وقال:
يا سيدا أركان عليائه * في ذروة العيوق مبنيه 6 المتفرقات: تجد فيها الشكوى والعتب، و الحكمة، والوفاء، والايمان، والتسامح والأمل، واللذة، والاعتذار، والأخلاق، والغيرة، وغيرها...
الرأي يا سائلي ما الرأي اسمع وصفه * من مرهف العزمات والآراء الرأي عندي قوة عقلية * في المرء ترشده إلى الأشياء المكارم ان المكارم لا يقود جيادها * من لم يكن من راضه الكرماء فإذا وجدت لدرهميك حلاوة * دعها ولا تعبر لها برواء فركوبها متعذر ان لم تكن * ممن له لجم من الآلاء الوفاء إذا الحب لم يحفظ لشكواي حرمة * ولم يرع في حفظي له حرمة الحب نشرت احتمالي ثم غطيته به * وأعطيته مني أمانا من العتب الايمان وقائله أراك بغير كسب * ولست تفيق من اكل وشرب فهل من متجر لك فيه ربح * فقلت لها نعم: ثقتي بربي التسامح ما يقرب المرء من قرن يلذ به * حتى يكون بعيدا من تعصبه فتركه لتجني فيه فائدة * لأنه ليس يجدي ما يسر به أمل جسد ناحل وصبر ضعيف * وشباب يبلى وعز يبيد ليت شعري متى أقول لنفسي * طاب في حبه الوصال الخلود لذات لله أيام لذات قضيت بها * حق الشباب وظل العيش ممدود ما زلت ألبسها والدهر ينشرها * فاسود أبيضها وابيضت السود الجميل أورق جميلا يعيش المستظل به * فهكذا كل غرس عوده عود وجد تجد ثمرات الحمد يانعة * فليس يحمد الا من له جود أخلاق لا ارى الإنسان انسانا إذا * لم أكن اعرفه بالمعرفة لست ممن يرتضي أخلاقه * باخ أخلاقه مختلفة معرفة إذا وصف المرء شيئا * ولم يكن مستحقا لتلك الصفة فذاك الدليل على أنه * قليل البضاعة في المعرفة زمان زمان بارت الأدباء فيه * فليس لهم بموسمه نفاق يسوق إلي هما بعد هم * وعتبي عن مسامعه تساق لاني لست أمل منه بقيا * وهل يبقى على القمر المحاق حيرة أبى الدهر ان تحلو مرارة طعمه * وان يتهنا فيه بالعيش ذائقه إذا ما أتيت السهل من ما أحبه * لأسلك فيه وعرته عوايقه