استخلاف موسى هارون والنبي ص عليا في غزوة تبوك لا يصلح قرينة لان العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما قال الملا باشي وجواب السويدي عنه بأنه لم يجعل خصوص السبب دليلا وانما جعله قرينة على تعيين البعض المبهم ساقط فانا قد بينا بقاء العام على عمومه وعدم صيرورة القضية مهملة بما ذكره على أن الكلام ظاهر ظهورا تاما في أنه ليس مراد النبي ص اني استخلفتك على النساء والضعفاء والأطفال كما استخلف هارون موسى على قومه فان هذا ليس فيه شئ من التطييب لقلبه لظهور الفرق بين المقامين فموسى استخلف هارون على قومه وجعل له منزلته فيهم والنبي ص استخلف عليا على النساء والضعفاء فلم يأت له النبي ص بشئ يرفع ما وقع في نفسه أو نفس غيره من الحزارة بل أقرها وأثبتها فلا بد ان يكون أراد شيئا أعلى من ذلك وارفع ولو أراد ذلك لم يحتج إلى قوله الا انه لا نبي بعدي بل يكون فضولا وزيادة لا محل لها في كلام من هو أفصح من نطق بالضاد وأبلغهم هكذا تكون التأويلات المصادمة للبديهة واما استثناء النبوة بعده وعدم استثنائها معه فلان ذلك محط النظر وموضع الفائدة في اثبات منزلة هارون من موسى له وجعل الا بمعنى لكن مع كونه خلاف الظاهر ومبنيا على بطلان العموم الذي بينا فساده لا يضر في تأكيد العموم لان لكن والا التي بمعناها لا يخرجان عن إرادة الاستثناء والاخراج من العموم السابق سواء سمي استدراكا واستثناء كما لا يخفى قال ثم احتج الملا باشي بآية المباهلة و انه لا يقدم إلى الدعاء الا الأفضل قلت هذا من باب المناقب لا الفضائل وكل صحابي اختص بمنقبة لا توجد في غيره كما لا يخفى على من تتبع كتب السير قال المؤلف ولكن عليا ع شارك جميع الصحابة في مناقبهم وانفرد عنهم بمناقب كثيرة لم يشاركوه فيها كما لا يخفى على من تتبع كتب السير وانصف وهذه من المناقب التي انفرد بها فتكون من الفضائل قال السويدي وأيضا القرآن نزل على أسلوب كلام العرب ومحاوراتهم فإذا وقع حرب وجدال بين كبيرين من عشيرتين يقول أحدهما للاخر أبرز أنت وخاصة عشيرتك وأبرز أنا وخاصة عشيرتي دون الأجانب فلا يدل على أنه ليس في عشيرتهما أشجع من خاصتهما قال المؤلف لا ندري من أين اتى السويدي بهذه العادة العربية ولم نسمع ان أحدا من العرب فعلها في حروبهم ومخاصماتهم في الجاهلية والاسلام وهذا علي لما طلب معاوية للمبارزة في حرب صفين لم يقل له أبرز أنت وعشيرتك وابرز انا وعشيرتي بل كان ينهي بني هاشم عن المبارزة ويكف الحسنين ع عن الحرب مطلقا والأصحاب والأصدقاء لا تقدم عليهم العشيرة عند العرب ولا غيرهم في حرب ولا جدال لا سيما إذا كانوا أفضل منها قال السويدي: وأيضا الدعاء بحضور الأقارب يقتضي الخشوع لسرعة الإجابة فقال ولا ينشأ الخشوع الا من كثرة المحبة فقلت هذه محبة جبلية طبيعية كمحبة الإنسان نفسه وولده أكثر ممن هو أفضل منه ومن ولده بطبقات فلا تقتضي وزرا ولا اجرا والمقتضي أحدهما هي الاختيارية قال المؤلف كل هذا ان أمكن ففي حق غير الأنبياء ولا سيما أفضلهم الذي خضوعه على قدر معرفته بالله تعالى وعلى قدر صفاء ذاته وطهارته لا يؤثر فيه حضور الأقارب ولا غيبتهم والذين حبهم وبغضهم في الله تعالى وطبيعتهم وجبلتهم على ذلك لانهم متفانون في حبه تعالى لا يشركه فيه أحد من قرابة ولا غيرها والقريب والبعيد عندهم في ذلك سواء ولهذا قال سلمان منا أهل البيت وهو فارسي والقول بان النبي ص يحب نفسه وولده أكثر ممن هو أفضل منهم بدرجات ازراء بمقامه ص ونسبة له إلى ما لا يرضى به بعض الأتقياء لأنفسهم وإذا كان حضور الأقارب يوجب زيادة الخشوع من النبي ص ونسبة له إلى ما لا يرضى في الفضل فلما ذا لم يجمع النبي ص جميع أقاربه من بني هاشم عند المباهلة ليزداد خشوعه الموجب لسرعة الإجابة واقتصر على هؤلاء الأربعة وإذا كانت فاطمة وولداها أقرب إليه فعلي ليس أقرب من عمه العباس وأولاده قال الملا باشي وفيها وجه آخر يقتضي الأفضلية حيث جعل نفسه نفس علي في قوله: وأنفسنا وأنفسكم فقلت الله اعلم انك لم تعرف الأصول ولا العربية فالأنفس جمع قلة مضاف إلى الدالة على الجمع ومقابلة الجمع بالجمع تقتضي تقسيم الآحاد صرح بذلك في الأصول غايته انه اطلق الجمع على الاثنين وهو مسموع واستعمله أهل الميزان في التعاريف وأطلق الأبناء على الحسنين والنساء على فاطمة مجازا نعم لو كان بدل أنفسنا نفسي لربما كان له وجه ما بحسب الظاهر ولو دلت الآية على خلافة علي لدلت على خلافة الحسنين وفاطمة فانقطع قال المؤلف دعاء الإنسان نفسه محال والمجاز خلاف الأصل فيكون المراد بأنفسنا على وحده مجازا كما اطلق على فاطمة نساءنا وعلى الحسنين أبناءنا لأنا نقول المجاز على ما نقوله في أنفسنا فقط باطلاقه على الواحد وعلى ما تقولونه في أنفسنا باطلاقه على الاثنين وفي ندعو باستعماله في دعاء الإنسان نفسه وغيره بلفظ واحد وتقليل المجاز في الكلام أولي من تكثيره واما اقتضاؤه خلافة الحسنين وفاطمة ع فنقول بها في الحسنين بعد أبيهما ولا نقول به في فاطمة لمكان الاجماع ثم احتج الملا باشي بآية وانما وليكم الله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون.
وقال أجمع المفسرون على انها نزلت في علي حين تصدق بخاتمه على السائل وهو في الصلاة وانما للحصر والولي بمعنى الأولى منكم بالتصرف فقلت لهذه الآية عندي أجوبة كثيرة وقبل ان أشرع في الأجوبة قال بعض الحاضرين من الشيعة للملا باشي باللغة الفارسية اترك المباحثة مع هذا فإنك كلما زدت في الدلائل فأجابك عنها انحطت منزلتك فنظر إلي وتبسم وقال إنك رجل فاضل تجيب عن هذه وغيرها قال المؤلف وفي اقتران ولايته بولاية الله وولاية رسوله وحصرها فيهم أقوى دليل على إمامته وكان ينبغي للسويدي ان لا يترك الجواب عنها لقول بعض الحاضرين ولا لقول الملا باشي ولا يترك للشك مجالا فإنه لا عطر بعد عروس وإذا ترك الجواب عنها في المجلس فكان ينبغي ان يذكر أجوبتها في رسالته التي أكثر فيها من التشنيع على الشيعة بغير حق وأبان فيها غلبته للملا باشي وقطعه قال السويدي ثم قلت له أريد ان أسألك عن مسالتين لا تستطيع الشيعة الجواب عنهما فقال وما هما قلت الأولى ما حكم الصحابة عندكم قال ارتدوا الا خمسة حيث لم يبايعوا عليا بالخلافة قلت كيف زوج علي ابنته أم كلثوم من عمر بن الخطاب فقال إنه مكره فقلت انكم اعتقدتم في علي منقصة لا يرضى بها أدنى العرب فضلا عن بني هاشم الذين هم سادات العرب وأكرمها أرومة وأفضلها جرثومة وأعلاها نسبا وأعظمها مروءة وحمية وأكثرها نعوتا سمية وأدنى العرب يبذل نفسه دون عرضه فكيف تثبتون لعلي وهو الشجاع الصنديد ليث بني غالب أسد الله في المشارق والمغارب مثل هذه المنقصة التي لا يرضى بها اجلاف العرب قال يحتمل أن تكون جنية تصورت بصورة أم كلثوم قلت هذا أشنع ولو فتحنا هذا الباب لانسدت جميع أبواب الشريعة قال المؤلف لا يقول أحد من الشيعة بان ترك المبايعة بالخلافة موجب