ذكره عبد الله السويدي البغدادي في رسالة الحجج القطعية لاتفاق الفرق الاسلامية، ولا نعلم شيئا من أحواله الا من تلك الرسالة ولولاها لضاعت آثاره كما ضاعت اثار الكثيرين غيره من علماء الشيعة لعدم تدوينها.
وذلك أن نادر شاة بعد ما بايعه الإيرانيون بالسلطنة في آخر الدولة الصفوية 1137 وفتح الهند وبلخا وبخارى وأفغانستان وجميع بلاد تركستان وإيران وحاصر بغداد ثمانية أشهر وكاد يفتحها كان في تلك المدة يراسل السلطان العثماني في عدة أمور منها الاعتراف بالمذهب الجعفري كالمذاهب الأربعة وأن يكون له محراب خاص وامام في المسجد الحرام وأن يكون من قبله أمير للحاج من طريق العراق وهو يتولى اصلاح البرك والآبار من طريق زبيدة. وفي سنة 1154 أمر ببناء مشهد مولانا أمير المؤمنين ع وتذهيب القبة والمنارتين والإيوان. وفي سنة 1156 غزا العراق بجيش عظيم وحاصر البصرة وبغداد والموصل وفتح السليمانية وكركوك وترددت الرسل بينه وبين احمد باشا ابن حسن باشا والي بغداد في الصلح على شرط الاعتراف بالمذهب الجعفري كأحد المذاهب وجمع الشاة لذلك كل مفت في بلاده من الشيعة وأهل السنة حتى بلغوا سبعين مفتيا وأرسل وهو في العراق رسلا إلى الباشا يطلب منه ارسال عالم من قبله للمفاوضة مع العلماء الذين بصحبته فأرسل السويدي فأكرمه الشاة واحترمه بعد ما كان خائفا أشد الخوف حتى أنه بال دما وهو في الطريق ثم وصف دخوله على الشاة وان عنده أربعة آلاف بنادقي يحرسون ليلا ونهارا وانه جعله في ضيافة اعتماد الدولة ولم يترك نادر شاة من وسيلة في التقريب بين أهل السنة والشيعة الا توسل بها كما يعلم من مراجعة الرسالة وما سننقله عنها مع ما فيها من التحامل العظيم على الشيعة وعلى نادر شاة ووصفه بأقبح الصفات مثل الباغي الخارجي وغيرها مع كل هذا الاكرام لكن كل هذه الوسائل ذهبت ادراج الرياح بسبب التعصب وعدم الميل إلى الألفة ولولا ما حال دونها من هذه التعصبات لانتجت نتائج حسنة للمسلمين.
ثم أمر الشاة باجتماعه مع الملا باشي للمناظرة وجعل على هذا المجلس ناظرا وعلى الناظر ناظرا وعلى الآخر ناظرا اخر وكل لا يعلم بصاحبه فخرج الملا باشي لاستقباله راجلا واجلسه فوقه وجلس متأدبا والسويدي يقول إنه جلس كهيئة التلميذ ولكن هي عادة العجم في جلوسهم على ركبة في مجالسهم مع كل أحد. قال السويدي ثم سألني الملا باشي عن حديث أنت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي فقلت انه حديث مشهور فقال إنه يدل بمنطوقه ومفهومه. على أن الخليفة بعد النبي ص علي بن أبي طالب حيث أثبت له جميع منازل هارون ولم يستثن الا النبوة والاستثناء معيار العموم فتثبت ان الخلافة لعلي لأنها من جملة منازل هارون فإنه لو عاش لكان خليفة عن موسى ع ودليل العموم الإضافة الدالة على الاستغراق بقرينة الاستثناء فقلت أولا ان هذا الحديث اختلف فيه المحدثون فمن قائل انه صحيح ومن قائل انه حسن ومن قائل انه ضعيف حتى بالغ ابن الجوزي فادعى انه موضوع فكيف تثبتون به الخلافة وأنتم تشترطون النص الجلي فقال نعم نقول بموجب ما ذكرت ودليلنا ليس هذا انما هو قوله ص سلموا على علي بإمرة المؤمنين وحديث الطائر لكنكم تدعون انهما موضوعان وكلامي في هذا الحديث لم لم تثبتوا الخلافة لعلي به قلت والاستغراق فيه ممنوع إذ من جملة منازل هارون كونه نبيا مع موسى وعلي ليس كذلك باتفاق ونبوته مع النبي ص لم تستثن وانما استثنيت بعده ومن جملتها كونه أخا شقيقا لموسى وعلي ليس باخ والعام إذا تخصص بغير الاستثناء صارت دلالته ظنية فليحمل على منزلة واحدة كما هو ظاهر التاء التي للوحدة فتكون الإضافة للعهد وهو الأصل فيها والا بمعنى لكن نحو فلان جواد الا انه جبان فالقضية مهملة يراد منها بعض غير معين وانما نعنيه من خارج وهو المنزلة المعهودة حين استخلف موسى هارون على بني إسرائيل أخلفني في قومي ومنزلة علي استخلافه على المدينة في غزوة تبوك فقال الملا باشي والاستخلاف يدل على أنه أفضل والخليفة بعده فقلت لو دل على ذلك لكان ابن أم مكتوم خليفة لأنه استخلفه على المدينة واستخلف غيره أيضا ولو كان هذا فضيلة لما وجد علي في نفسه وقال أ تجعلني مع النساء والأطفال والضعفة فقال ص تطييبا لنفسه أ ما ترضى الخ فقال ذكر في أصولكم ان العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب قلت اني لم اجعل خصوص السبب دليلا وانما هو قرينة تعين ذلك البعض المبهم فانقطع اه ملخصا يقول المؤلف ما أجاب به السويدي لا يوجب الانقطاع ولكن ما لنا وله انقطع أو لم ينقطع وليس للغائب ان يحكم على ما غاب عنه فلنذكر ما عندنا في ذلك فنقول قد جرت العادة واستمرت الطريقة على أنه إذا ورد حديث في فضل علي ع وتقديمه أو استدل به مستدل يعمد أولا إلى سنده فينكر ولو كان من المتواترات أو مستفيضا فيتنزل من الصحة إلى الحسن إلى الضعف إلى الوضع وتسليم السويدي ان هذا الحديث مشهور وان قال بعض المحدثين بصحته أو حسنه يوجب تميزا للسويدي وبعد بذل الجهد في انكار السند ولو كان مما لا ينكر والتشبث في ذلك بكل متشبث ينتقل إلى الدلالة فتحتمل فيها الاحتمالات وتنتابها التأويلات ولو كانت واضحة جلية أو نصا لا يحتمل التأويل شنشنة أعرفها من أخزم ثم إن ما ذكره السويدي هنا لا يخلو من اضطراب فهو قد ذكر اختلاف المحدثين في السند فما ربط ذلك بجلاء النص وخفائه وهو راجع إلى الدلالة وكيف يقول له الملا باشي ان دليلنا حديث المنزلة وكيف سكت عن الاعتراض عليه بذلك وكيف سلم له وضعه وهو مشهور رواه المحدثون من الفريقين إما قول السويدي في منع الاستغراق ان من جملة منازل هارون انه نبي مع موسى وأخ شقيق له وقد خصصا بغير الاستثناء والعام إذا خصص بغير الاستثناء صارت دلالته ظنية فعجيب إذا الإضافة في نفسها ظاهرة في العموم كالتعريف بال على ما تقرر في الأصول والظاهر حجة والاستثناء يزيدها ظهورا ووضوحا ويجعلها نصا فيه أو كالنص لأنه اخراج ما لولاه لدخل كما تقرر في علم العربية إما ان العام إذا خصص بغير الاستثناء صارت دلالته ظنية فلا يفهم له معنى إذ العام لا يخرج عن الدلالة الظنية خصص أو لم يخصص بل المعتبر في الدلالة الظهور لا الظن الشخصي نعم الظهور يوجب الظن النوعي وعلى الظهور مدار الحجة في أمور الدين والدنيا والاستثناء إذا أفاد الظهور زيادة أو نصوصية فلا يخرج عنها إذا لم يعلم تخصيصه بمخصص معلوم غير ما أخرجه الاستثناء مثل ان عليا ليس شريكا في النبوة ولا أخا فما رتبه على ذلك من حمل المنزلة على منزلة واحدة ساقط لتمسكه بان ظاهر التاء الوحدة فان ظاهرها الوحدة لولا الإضافة الظاهرة في العموم والاستثناء المؤكد لهذا الظهور الذي يجعله بمنزلة النص وقوله الأصل في الإضافة العهد غير صحيح بل الأصل فيها العموم كال وانما يحمل على العهد بقرينة وهي مفقودة وما زعمه قرينة من