فأما إن شهدا بالملك فقالا: هذا ملكه فإن عزياه إلى سبب مثل الإرث والهبة والشراء فإنه يحكم له بالملك، وإن لم يعزياه إلى سبب فهل يكون ملكا؟ قيل فيه قولان أحدهما يكون ملكا لأن البينة شهدت بالملك، والقول الثاني لا يكون ملكا لأنه يجوز أن يكون قد رآه في يده يد الالتقاط وظنوا أنه ملكه والأول أقوى.
فأما إن شهدوا باليد فقالوا كانت يده عليه أو كان في يده: نظرت، فإن كان في يد الملتقط فإنه لا يحكم له به، وإن كان في يد الغير فإنه يحكم له بالملك، لكن يحلف مع البينة.
اللقيط إذا وجد في دار الاسلام حكم بحريته وإسلامه لأنه وجد في دار الاسلام وإذا وجد في دار الشرك يحكم بكفره تبعا للدار، ويحكم بالحرية لأنها الأصل حتى يحدث الرق.
إذا ثبت هذا وبلغ اللقيط واشترى وباع وتزوج وأصدق ثم أقر بأنه عبد فلا يخلو من أحد أمرين إما أن يدعي عليه غيره بأنه عبده أو اعترف هو ابتداء من غير دعوى، فإن ادعى انسان أنه عبده فلا يخلو إما أن يكون معه بينة أو لم يكن، فإن كان معه بينة يحكم له، وإن لم يكن له بينة رجع إلى العبد:
فإن كذبه وقال إني حر. فالقول قوله، لأن الأصل الحرية فهل يحلف العبد أم لا؟ مبني على أنه هل يقبل قوله في الرق أم لا، قيل فيه قولان فمن قال يقبل قوله في الرق فههنا يحلف رجاء أن يمتنع ويعترف، ومن قال لا يقبل إقراره بالرق فلا يحلف لأنه لا معنى لهذه اليمين، لأنه لو اعترف لم يقبل إقراره، فلا فائدة في يمينه ههنا.
وإن صدقه فقال صدق وأنا عبده، فإن كان قد اعترف قبل ذلك بالحرية فإنه لا يقبل إقراره في تصديقه إياه لأنا حكمنا بحريته وألزمناه أحكام الحرية من الحج والجهاد والطلاق، ويريد بهذا الاقرار اسقاط ذلك من نفسه فلا يقبل، وإن لم يكن اعترف قبل هذا بالحرية نظرت في المقر له، فإن كذبه فقد أسقط حقه يعني المقر له.