وهكذا كل ما كان قبضا مضمونا مثل أن يأخذه على سبيل السوم، أو على أنه بيع صحيح، أو كان ثوبا فأخذه على أنه عارية مضمونة، فكل هذا يستقر عليه، لأنه دخل على أنه مضمون عليه، فلم يكن مغرورا فيه.
وإن قال: هذا طعامي كله، فأكل، نظرت، فإن رجع المالك على الغاصب لم يرجع الغاصب على الآكل لأنه يقول أطعمتك ملكي، وإنما ظلمني فأخذ ما لا يستحقه فلا أرجع به على أحد، وإن رجع على الآكل فهل يرجع الآكل على الغاصب أم لا؟
قيل فيه قولان: أحدهما يرجع لأنه غره.
فأما إذا أطعمه مالكه، فهل تبرء ذمة الغاصب بذلك أم لا؟ نظرت فإن كان المالك عالما بأنه ملكه فأكل ملكه مع العلم بحاله برئت ذمته بذلك لأنه رضى بأكل مال نفسه فبرئت ذمة الغاصب منه، كما لو كان عبدا فأعتقه، وإن كان مع الجهل بحاله، فهل تبرء ذمته أم لا؟ قيل فيه قولان أحدهما لا تبرء وهو الصحيح، والثاني أنه تبرأ.
وإن غصبه دابة وشعيرا فأطعمه إياها لم يبرأ بلا خلاف، وإن غصب حطبا فاستدعى مالكه فقال أسجر به التنور واخبز به، لم يزل الضمان عنه بلا خلاف.
إذا فتح قفصا أو حل دابة وهيج كل واحد منهما ونفره حتى ذهب فعليه الضمان بلا خلاف، لأنه سبب ملجئ يتعلق الضمان به، كما لو حفر بئرا ثم دفع فيها بهيمة أو إنسانا، كان عليه الضمان لأنه ألجأه، وإن وقفا ثم ذهبا لا ضمان عند الشافعي عليه، ويقوى عندي أن عليه الضمان، وإن خرجا عقيب الحل والفتح بلا وقوف كان عليه الضمان أيضا.
وإن فتح مراحا (1) للغنم فخر جت الغنم ودخلت زرع انسان فأفسد ته كان ضمان الزرع على من فتح المراح بلا خلاف، ولو حبس عبدا له، أغلق الباب عليه ففتح غيره الباب، فذهب العبد عقيب الفتح من غير فصل لا ضمان عليه عندهم كلهم، ويقوى في نفسي أنه يلزمه الضمان.
إذا حل رأس زق أو راوية فخرج ما فيها لم يخل من أحد أمرين: إما أن يكون