لا ينقطع عن أيدي الناس كقوله اتجر في الطعام وحده أو في التمر وحده أو في الثياب القطن فكل هذا يوجد غالبا ولا ينقطع، فالقراض صحيح لا يتعذر المقصود منه.
وهكذا لو شرط ألا يتجر إلا فيما يعم وجوده في بعض السنة كالرطب والعنب و الفواكه الرطبة فإنه جايز لأنه لا يعدم في وقته غالبا وفي الناس من قال لا يتجر إلا فيه وقد قلنا إن جميع ذلك يقوى في النفس أنه جايز وكل ما ذكروه قياس، وقوله عليه السلام المؤمنون عند شروطهم، يقوي ما قلناه.
إذا قارضه على أن يشتري أصلا له فائدة يستبقي الأصل ويطلب فائدته كالشجر يسقيها ليكون ثمارها بينهما أو عقارا يستغله أو غنما يرجو نسلها ودرها أو عبيدا يأخذ كسبها فالكل قراض فاسد، لأن موضوع القراض على أن يتصرف العامل في رقبة المال وهذا خروج عن بابه.
الكلام في القراض الفاسد في ثلاثة فصول في التصرف والربح والأجرة:
أما التصرف فإنه جايز صحيح، لأن القراض الفاسد يشتمل على الإذن بالتصرف وعلى شرط فاسد، فإذا فسد الشرط كان الإذن بالتصرف قائما فهو كالوكالة الفاسدة تصرف الوكيل صحيح لحصول الإذن فيه.
وأما الربح فكله لرب المال لا حق للعامل فيه، لأن العامل اشترى لرب المال فيكون الملك له، وإذا كان الملك له كان الربح له.
وأما الأجرة فللعامل أجرة مثله سواء كان في المال ربح أو لم يكن فيه ربح وفيه خلاف فإذا ثبت هذا فإن له أجرة المثل، فإن الأجرة يستحقها في مقابلة عمله على كل المال، لأن عمله وجد في كله واستحق الأجرة على جميعه.
إذا دفع إليه مالا قراضا نظرت فإن أتجر به حضرا كان عليه أن يلي من التصرف فيه ما يليه رب المال في العادة من نشر الثوب وطيه، وتقليبه على من يشتريه وعقد البيع، قبض الثمن، ونقده، وإحراز في كيسه وختمه، ونقله إلى صندوقه وحفظه ونحو ذلك مما جرت العادة بمثله.
وإن كان شيئا لا يليه رب المال في العادة مثل النداء على المتاع في الأسواق، و