الخامس أنه يصح البيع في الكل وتبطل الشفعة، لأنا قر رنا أن الشفعة متى وجبت بطل البيع، فأبطلنا ها وصح البيع، لأن كل أمر إذا ثبت جر ثبوته سقوطه وسقوط غيره، سقط في نفسه، فأسقطنا الشفعة وأثبتنا البيع، وقد قلنا إن الذي يقتضيه مذهبنا أن البيع صحيح، سواء كان المشتري وارثا أو غير وارث، وللشفيع أن يأخذ الكل بجميع الثمن، سواء كان وارثا أو غير وارث، وإنما هذه الأوجه للمخالف على أصولهم ذكرناها.
إذا وجبت له الشفعة فصالحه المشتري على تركها بعوض صح عندنا، وقال بعضهم:
لا يصح لأنه خيار لا يسقط إلى مال، فلم يجز تركه بمال كخيار المجلس، وخيار الشرط، وعكسه خيار القصاص، لما سقط إلى مال صح تركه بمال، وإنما اخترنا الأول، لأنه لا مانع منه، وما ذكروه قياس لا نقول به، وخيار العيب على وجهين عند المخالف فينتقض ما قاله على أحد الوجهين.
فإذا ثبت هذا كان على الشفيع رد العوض، لأنه أخذه بغير حق، وهل يسقط شفعته أم لا؟ قيل فيه وجهان: أحدهما يسقط، لأنه يتركه بعوض لا يسلم له، فعلم أنه تركه رأسا، والوجه الثاني لا يسقط شفعته، لأنه إنما تركها ليسلم له العوض عنها، فإذا لم يسلم له ماله لم يلزم ما عليه.
إذا كان نصف الدار وقفا ونصفها طلقا فبيع الطلق لم يستحق أهل الوقف الشفعة بلا خلاف.
دار بين رجلين حاضر وغايب ونصيب الغائب في يد وكيل له حاضر، فباع الوكيل نصيب الغائب وذكر أنه باع بإذن مالكه، فهل للشفيع الشفعة أم لا؟ قيل فيه قولان أحدهما لا شفعة له، لأن قول الوكيل لا يقبل على موكله في البيع، ويكتب إليه فإن صدقه الموكل أخذه الشفيع بالشفعة، وإن أنكر فالقول قوله مع يمينه ولا بيع ولا شفعة.
الوجه الثاني يستحق أخذه بالشفعة، لأن يده على نصف الدار، فإذا أخذه الشفيع بالشفعة ثم قدم الغائب نظرت، فإن كان الأمر على ما ذكر الوكيل، فلا كلام