والإجارة عقد معاوضة وهي من عقود المعاوضات اللازمة كالبيع، فإذا آجر الرجل داره وعبده أو دابته فإنه يلزمه العقد من الطرفين، ويستحق المؤجر الأجرة على المستأجر ويستحق المستأجر المنفعة على المؤجر، وليس لأحدهما فسخ عقد الإجارة بحال، سواء كان لعذر أو لغير عذر.
فهي كالبيع في باب الفسخ، لأن من اشترى شيئا ملك البايع الفسخ إذا وجد بالثمن عيبا، وكذلك المشتري إذا وجد بالمبيع عيبا، ولا يملك بغير العيب، وكذلك المؤجر إنما يملك الفسخ إذا تعذر استيفاء الحق منه لفلس أو لغيره وكذلك المستأجر إنما يملك الفسخ إذا وجد بالمنافع عيبا مثل أن تنهدم الدار أو تغرق ولا يمكنه استيفاء المنفعة منه، وليس لهما الفسخ لغير عذر.
إذا استأجره على قلع ضرسه ثم بدا له فلا يخلو من أحد من أمرين إما أن يكون زال الوجع أو يكون الألم باقيا؟ فإن كان بحاله فإنه لا يملك فسخ الإجارة ولكن يقال له قد استأجرته على استيفاء منفعة وأنت متمكن من استيفائه فأما أن تستوفي منه ذلك وإلا إذا مضت مدة يمكنه أن يقلع ذلك فإنه قد استقر له الأجرة.
كمن استأجر دابة لير كبها إلى بلد، وسلمها إليه، فلم يركبها، فإنه يقال له أنت متمكن من استيفاء المنفعة من أن تركب وتمضي، فأما أن تستوفي وإلا إذا مضت مدة يمكنك أن تستوفيها فقد استقر عليك الأجرة، وكذلك إذا استأجر دارا فسلمت إليه، يقال له: إما أن تسكنها، وإلا يستوفي منك الأجرة إذا مضت المدة.
وأما إذا زال الوجع فإنه قد تعذر استيفاء المنفعة من جهة الله شرعا لأنه لو أراد أن يقلعها لم يجز، ويمنع الشرع من قلع السن الصحيحة، فانفسخت الإجارة بذلك كالدار إذا انهدمت، ألا ترى أن الوجع إذا عاد بعد ذلك احتاج أن يستأنف عقد الإجارة لقلع الضرس، وإنما ملك الفسخ لتعذر المعقود عليه وأما إذا استأجر عبدا فأبق فإنه تنفسخ الإجارة لتعذر استيفاء المنفعة المعقود عليها، كالدار إذا انهدمت.
والمستأجر يملك من المستأجر المنفعة التي في العبد والدار والدابة إلى المدة التي اشترط حتى يكون أحق بها من مالكها، والمؤجر يملك الأجرة بنفس العقد.
ولا تخلو الأجرة من ثلاثة أحوال إما أن يشترطا فيه التأجيل أو التعجيل أو يطلقا