في الدور والحظيرة ليس من شرطه، وفيهم من قال هو شرط والأول أقرب.
وأما الإحياء للزراعة فهو أن يجمع حولها ترابا وهو الذي يسمى مرزا وأن يرتب لها الماء إما بساقية فيحفرها ويسوق الماء فيها، أو بقناة يحفرها أو بئر أو عين يستنبطها ولا خلاف أن هذه الثلاثة شرط في الإحياء للزراعة وفي الناس من ألحق بها أن يزرعها ويحرثها، والصحيح أنه ليس من شرطه، كما أن سكنى الدار ليس من شرط الإحياء.
وأما إذا أحياها للغراس، فإنه يملكها إذا ثبت الغراس فيها ورتب الماء فيها فإذا فعل ذلك فقد أحياها فإذا أحياها وملكها فإنه يملك مرافقها التي لا صلاح للأرض إلا بها وقد بيناه فيما مضى.
وأما إذا حفر بئرا أو شق نهرا أو ساقية فإنه يملك حريمها حسب ما رسمناه فيما مضى وجملته أنه ما لا بد منه في استيفاء الماء مطرح الطين إذا نضب الماء وكريت الساقية والنهر، ويكون ذلك على حسب الحاجة قل أم كثر. وقد روى أصحابنا أن حد البئر الناضح أربعون ذراعا وروي ستون ذرعا وروي أن حد القناة ألف ذراع في الرخو من الأرض وفي الحزن منه خمس مائة ذراع، وقول النبي صلى الله عليه وآله حد البئر أربعون ذراعا يوافق ما قلناه، وفي المخالفين من قال بالتحديد مثل ما قلناه.
فإذا ثبت ذلك فإذا حفر بئرا في موات وملكها وأراد غيره أن يحفر بجنبها بئرا ليسوق ماءها لم يكن له ذلك، ومنع منه بلا خلاف وكذلك إذا استنبط عينا في موات وأراد آخر أن يستنبط عينا بجنبها لم يكن له ذلك، إلا أن يكون بينهما الحد الذي قدمناه.
وأما إن أراد أن يحفر بئرا في داره أو ملكه وأراد جاره أن يحفر لنفسه بئرا بقرب ذلك البئر لم يمنع منه بلا خلاف في جميع ذلك وإن كان ينقص بذلك ماء البئر الأولى، لأن الناس مسلطون على أملا كهم، والفرق بين الملك والموات أن الموات يملك بالإحياء فمن سبق إلى حفر البئر ملك حريمه وصار أحق به، وليس كذلك في الملك، لأن ملك كل واحد منهما ثابت مستقر، وللمالك أن يفعل في ملكه ما