يرجع على الغاصب لأنه تعدى، وكان سبب يد العامل، ويرجع على العامل لأن الثمرة حصلت في يده، فكان عليه الضمان، فإن رجع على الغاصب كان له أن يرجع بجميعها عليه لما مضى، فإذا غرمها رجع الغاصب على العامل بنصف بدل الثمرة، وهو القدر الذي هلك في يده، ورجع العامل على الغاصب بأجرة مثله، لأنه لم يسلم له المسمى.
وإن رجع على العامل، فبكم يرجع عليه؟ قال قوم: يرجع عليه بنصف الثمرة وهو القدر الذي هلك، لأنه ما قبض الثمرة كلها، وإنما كان مراعيا لها حافظا لها نائبا عن الغاصب، فلا ضمان عليه. فعلى بهذا لو هلكت كلها بغير تفريط كان منه فلا ضمان عليه.
ومنهم من قال: له أن يضمنه الكل، لأن يده ثبتت على الكل مشاهدة بغير حق، فعلى هذا إذا هلكت كلها بغير تفريط كان ضمان الكل عليه، والأول أقوى.
فمن قال يضمن النصف، قال: إذا ضمن كان له أن يرجع على الغاصب بأجرة مثله، ولا يرجع بالثمرة عليه، لأن التلف كان في يده، فاستقر الضمان عليه، و من قال يضمن الكل، فإذا ضمنه لم يرجع على الغاصب بما تلف في يده، وهو نصيبه من الثمرة، ورجع عليه بما هلك في يد الغاصب لأن الضمان استقر عليه، ورجع عليه بأجرة مثله لأن المسمى لم يسلم له.
إذا ساقاه على أنه لو سقاها بماء السماء أو سيح (1) فله الثلث، وإن سقاها بالنضح أو الغرب فله النصف، فالمساقاة باطلة لأن هذا عمل مجهول غير معين، ولأن نصيبه من الثمرة سهم غير معين، لأنه ما قطع على نصيبه، فإذا ثبت أنها فاسدة فالثمرة كلها لرب النخل، وللعامل أجرة المثل لأنه لم يسلم ما شرط له.
إذا ساقاه على أن أجرة الأجراء الذين يعملون ويستعان بهم من الثمرة فالعقد فاسد لأن المساقاة موضوعة على أن من رب المال المال، ومن العامل العمل، فإذا شرط