فإذا لم يقبل المشتري، ثبت حق الشفيع، فيأخذ الشفيع الشفعة، وهو معترف بالثمن للمشتري وهو لا يدعيه فما الذي يصنع به؟ قيل فيه ثلاثة أوجه أحدها يقال للمشتري إما أن تقبض أو تبرئه، والثاني يقر الثمن في ذمة الشفيع للمشتري لأنه معترف له به وهو لا يدعيه، والثالث يقبضه منه الحاكم ويكون في بيت المال حتى إذا اعترف به المشتري أخذه، لأنه لا يجوز ترك العوض والمعوض معا عند الشفيع.
إذا كانت الدار بين أربعة فباع أحدهم نصيبه كان للباقين الشفعة على المشتري عند من أوجب الشفعة إذا كان الشركاء أكثر من اثنين: ثم إن المشتري ادعى أن أحد الثلاثة عفا عن حقه من الشفعة، فشهد الآخران بذلك للمشتري نظرت، فإن شهدا بعد أن عفوا عن حقهما فيها، كانت مقبولة، لأنهما لا يجران بها نفعا، وإن لم يكونا عفوا لم يقبل شهادتهما، لأنهما يجران إلى أنفسهما نفعا، وهو أن العفو متى ثبت توفر حقه عليهما.
فإذا ثبت أنها غير مقبولة فعفوا عن الشفعة، ثم أعادا الشهادة لم يقبل شهادتهما لأنها شهادة ردت للتهمة فلا تسمع بعد ذلك كالمردود للفسق.
وإن شهدا بذلك وقد عفا أحدهما ولم يعف الآخر، كانت شهادة العافي مقبولة وشهادة الآخر مردودة، وقد حصل بالعفو شاهد واحد، فإنها تثبت مع اليمين لأنه حق هو مال.
فإذا ثبت ذلك فمن الذي يحلف مع الشاهد نظرت، فإن كان الذي ردت شهادته ما عفا عنها، حلف هو مع الشاهد، واستحق الشفعة على المشتري، وإن كان الذي ردت شهادته قد عفا عنها حلف المشتري مع الشاهد، واستحق كل الشفعة.
دار بين رجلين: حاضر وغائب ونصيب الغائب في يد وكيل له حاضر، ثم إن المالك الحاضر ادعى أن الوكيل الحاضر اشترى نصيب موكله الغائب بألف، وأقام بذلك شاهدين سمع ذلك الحاكم وقضى بالشراء، فأوجب للحاضر الشفعة.
ومن الناس من قال: هذا قضاء على الغائب، ومنهم من قال ليس هذا قضاء على الغائب والصحيح الأول.