هذه الدار لزيد لا بل لعمرو، والأول أصح.
إذا قال: هذه الدار لفلان لا بل فلان أو قال غصبتها من زيد لا بل من عمرو فإن إقراره الأول لازم، ويكون الدار له، وهل يغرمها للثاني أم لا؟ قيل فيه قولان أحدهما لا يغرمه لأنه يقول قد أخطأت في الاقرار الأول، وقد رجعت عنه، والدار للثاني، وإنما تحكمون علي بلزوم إقراري للأول بالشرع فلا يلزمني الضمان عنه، والآخر وهو الصحيح أنه يغرمها له لأنه حال بينه وبين ما أقر له فهو كما لو ذبح شاة له وأكلها ثم أقر له بها أو أتلف مالا ثم أقر به لفلان، فإنه يلزمه غرامته، فكذلك هذا، وهذا كما يقول في الشاهدين إذا شهد أحدهما على رجل باعتاق عبده أو طلاق امرأته وحكم الحاكم بذلك، ثم رجعا عن الشهادة كان عليهما غرامة قيمة العبد والمهر لأنهما حالا بينه وبين ملكه، ولا ينقض حكم الحاكم.
فإذا تقرر القولان فمن قال على قولين قال: هذا إذا أقر وسلمها إلى الحاكم، فأما إذا أقر وسلمها بنفسه فعليه الضمان قولا واحدا، ومنهم من قال لا فرق بين الموضعين وهو الصحيح لأن الحاكم وإن سلمه فإن تسليمه بإقراره فهو كما لو سلمه بنفسه.
وإذا باع شيئا وأخذ الثمن ثم أقر بأن ذلك المبيع لفلان، فإن الغرامة تلزمه ولا ينفذ إقراره في حق المشتري لأنه حصل له عوض في هذه المسألة ويفارق المسألة التي قبلها لأنه لم يحصل له عوض، وفي الناس من قال هذا على قولين سواء حصل عوض أو لم يحصل.
إذا قال: غصبت هذا العبد من أحد كما، لزمه الاقرار لأنه إقرار من جايز الأمر بما يصح الاقرار به لمن يصح الاقرار له، ثم يرجع إلى بيان المقر فقيل له: بين المقر له من هو منهما؟ فإن قال لا أعرفه بعينه، فإن قالا صدق انتزع العبد من يده وكانا خصمين فيه، وإن كذباه وادعى كل واحد منهما علمه بأنه له دون صاحبه، كان القول قوله مع يمينه، لأنه أعلم بما يعلمه، وبما لا يعلمه، وإذا حلف انتزع العبد من يده، وكانا خصمين فيه وهما متساويان في الدعوى، وعدم اليد، فإن أقام أحدهما البينة حكم له، وإن أقاما جميعا البينة تعارضتا، وسنبين كيفية الحكم فيها